العدد 2952
الأحد 13 نوفمبر 2016
banner
فقدان المصداقية
الأحد 13 نوفمبر 2016

فعلها ترامب وانتزع مفاتيح المكتب البيضاوي، رغم كل ما بذلته الماكينة الإعلامية الديمقراطية من محاولات بائسة لضمان استمرار هيمنة الديمقراطيين على أركان الحكم في واشنطن.

لم استغرب فوز ترامب، لكنني تفاجأت من مجازفة حيتان الإعلام الأميركي الديمقراطي بوضع مصداقيتها على المحك، في رهان خاسر على فوز هيلاري كلينتون.

أشرت في مقال سابق إلى أن الديمقراطيين يسيطرون على الإعلام الأميركي، سيطرة تجسدت في إعلان أهم الصحف والشبكات الإخبارية عن تأييدها الصريح للمرشحة الديمقراطية، لكن أن تنشر عشية الانتخابات استطلاعات رأي تشير إلى أن فرصة ترامب تكاد تكون معدومة، وأن منافسته ضمنت أصوات 286 مجمعًا انتخابيًا وتحتاج فقط لمجمعين آخرين لتفوز بالرئاسة، وأن تنشر “نيويورك تايمز” ووكالة رويترز/إبسوس استطلاعات أولية ترجح كفتها للفوز بنسبة من 80 إلى 90 %! فهذا أمر عجيب لم يحدث في تاريخ الانتخابات الأميركية.

الإعلام الديمقراطي خسر الرهان، وخسر معه مصداقيته، ولا أعلم كيف يمكن أن يستعيدها، فمن سيثق بالاستطلاعات التي سيجريها بعد 4 سنوات من الآن؟! الرهان الذي أراد منه شحذ همة أنصار كلينتون وتثبيط عزيمة مؤيدي منافسها، جاء بعكس ما كان يتمناه، وأثبت عجزه عن فهم عقلية الناخب الأميركي الذي استفزته الثقة المفرطة في فوز كلينتون.

عوامل كثيرة ساعدت في وصول ترامب إلى البيت الأبيض، من بينها؛ الفشل الذريع لإدارة أوباما في السياسة الخارجية، وهو الجانب الذي أشرفت عليه كلينتون كوزيرة للخارجية في الفترة من يناير 2009 وحتى فبراير 2013، وهوس الأميركيين بالتغيير، والمشاكل الصحية لكلينتون، ولاسيما مشكلة النسيان التي بررتها بتعرضها لارتجاج بالمخ! وركوب ترامب موجة العنصرية التي تجتاح أميركا، وخصوصًا في أوساط الشباب، وقد قام بخطوة ذكية عندما استعان بمستشار سياسي يبلغ من العمر 30 عامًا، وهو ستيفان ميلر، لكتابة خطاباته، ولعل أهمها الخطاب الحماسي الذي ألقاه بعد فوزه بترشيح الحزب الجمهوري.

يبدو أن ترامب أدرك أن عليه الآن أن يتصرف كرئيس ويخفف من حدة نبرته العنصرية، ولا نستبعد أن يزور في الأيام المقبلة مسجدًا ويلتقي بقيادات إسلامية أميركية، وأن يلقي خطابًا يصالح فيه الأقليات بمدينة يشكل الأفارقة أو المكسيكيون غالبية سكانها، أشياء كثيرة يمكن أن يفعلها لمحو ما أفسدته حملته المجنونة، لكن كيف يمكن أن يصلح الإعلام الديمقراطي مصداقيته المفقودة؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية