العدد 2955
الأربعاء 16 نوفمبر 2016
banner
ترامب والعرب والمستقبل!
الأربعاء 16 نوفمبر 2016

فجأة ودون تمهيد، وكأن الأمر لم يكن متوقعاً، اهتم العالم كله وفي مقدمته بالطبع ودون منافس العرب، بالرئيس الجديد دونالد ترامب وكأنهم غير مصدقين حتى اللحظة فوزه بمنصب رئيس الولايات المتحدة، وبعض العرب تصوروا أن التغيير الذي جرى في البيت الأبيض ومجيء ترامب سوف يقلب الموازين ويحدث المعجزة في صالح كل طرف، وللحقيقة أقر هنا بأنه مهما كان وضع سيد البيت الأبيض الجديد ومهما كان سيئاً فلن يكون بأية حال أسوأ من إدارة الرئيس المنتهية ولايته أوباما الدمر الذي لم يخفق فقط في حفظ التوازن الدولي وحفظ العلاقات مع الدول بل نجح بامتياز قل نظيره في تدمير ما تعارف عليه العالم من علاقات بين الشعوب والدول والقوميات والمذاهب، وذهب بعيداً جداً في إحداث الفوضى التي يصعب اليوم وقفها، إلا اذا تفهمت الإدارة الأميركية القادمة هذا الخراب وسعت لإصلاحه ليس فقط لصالح هذه الدول والشعوب المدمرة مثل العراق وسوريا واليمن، بل لصالح الولايات المتحدة ذاتها التي يرتبط استقرار العالم باستقرارها، ورأينا نتيجة مؤامرة أوباما على باريس وبلجيكا وكل أوروبا من إرهاب وتدفق اللاجئين، وحتى أميركا ذاتها انعكست عليها سياسة أوباما القذرة التي لم يشهد العالم مثلها من قبل.

السؤال الآن: كيف ستعالج الدول جراحها؟ وكيف سترمم الشعوب تصدعاتها مع الوضع المستجد اليوم في ضوء نتائج الانتخابات الأميركية؟ لقد كانت ايران على سبيل المثال تتطلع لفوز كلينتون، واليوم منزعجة من وصول ترامب، كيف ستوظف دول مجلس التعاون هذا التغيير في مصلحتها؟ لابد من تحمل الدبلوماسية الخليجية هذه المسؤولية والعمل بجهد وسرعة وتكثيف الجهود كلها لتسبق أي فعل تقوم به إيران لتوظيف اللوبي الإيراني هناك، وهو كبير، ليحتوي الإدارة الأميركية، هذه واحدة من الأمور التي لم أر حتى الآن تحركا خليجيا جديا في هذا الصدد مقابل التحرك اللوبي الإسرائيلي الذي يجب أن نتعلم منه الكثير من الدروس، رغم اختلافنا مع إسرائيل إلا انها تتحرك من منطلق مصالحها الاستراتيجية، فما كاد يعلن المجمع الانتخابي فوز ترامب حتى قفز نتنياهو يحتويه، علماً بأنه عمل قبل ذلك الكثير وقدم الكثير من أجل وصول ترامب مقابل للأسف بعض العرب الذين دعموا كلينتون على اعتبار استحالة فوز ترامب، وهاقد حدثت المعجزة، فماذا سنفعل. 

مشكلة أزلية لدينا نحن العرب، ولست ممن يجلدون الذات ولكنها ظاهرة عربية وخليجية خاصة، تقوم على ردة الفعل في كل مرة، فيما يتعلق بأمن واستقرار دولنا، ولولا هذه السياسة المعتمدة على ردود الأفعال لما سقطت ليبيا وانتهت العراق في حضن إيران وتداعت اليمن وأصبح لبنان عاصمة إيران الثانية، وكل ذلك بسبب ردود الأفعال التي حان الوقت لمغادرتها والبدء باستراتيجية مواجهة الأحداث والمبادرة بالعمل وردع الخوف من نفوسنا، فكما فهمنا يخاف الكثير من القادة العرب من مجرد التفكير في الكلام مع رئيس أميركا أو الرد عليه على قدر ما يطلق ذلك الرئيس من تصريحات ضدنا، وشهدنا أوباما بوقاحة متناهية كيف راح يوزع الاتهامات بممارسة العنف وانتهاك حقوق الإنسان ضد دولنا ولم يجرؤ رئيس أو قائد عربي على الرد عليه كما فعل الرئيس الفلبيني.

حتى نفهم ترامب يجب أن نسرع بقراءة ملف ترامب وفهم كيف نستغل اللحظة التاريخية قبل أن يخطفها غيرنا. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية