العدد 2958
السبت 19 نوفمبر 2016
banner
عن الهوية الخليجية
السبت 19 نوفمبر 2016

لم يعد هناك من يجادل في أنّ الهوية الخليجية تتعرض لتحديات جمة، وهناك من يسعى بكل طاقته إلى تفريغها من مكوناتها واستبدالها بهويات فرعية ضيقة من عرقية وطائفية لإحلالها كبديل عن الهوية العربية الجامعة. ومفهوم الهوية كما عبّر عنها في “الذاتية أو الخصوصية” القيم والمبادئ التي تشكل الأساس الذي تقوم عليه شخصية الفرد والمجتمع، وهوية الفرد هي عقيدته ولغته وثقافته وحضارته وتاريخه. ونظرا لما تتعرض له هوية الإنسان في الخليج من تهديد بطمسها فقد عقد في البحرين منتدى الإعلام السياسيّ لبحث موضوع الهوية الخليجية في الخطاب الإعلاميّ. والهدف الذّي يرمي إليه هذا المنتدى هو تسليط الضوء على غياب الهوية في الطرح الإعلاميّ وما يفضي إليه الأمر من آثار وخيمة على الإنسان الخليجي حاضرا ومستقبلا. 

ولابدّ من التساؤل هنا لماذا اختيار الإعلام بالتحديد وما دوره في ترسيخ الهوية العربية؟ الإجابة ببساطة انّ الاعلام يسهم في تكوين الاتجاهات ويكوّن المواقف ويغير القناعات والسلوك، فهل من المنطقي في ظلّ هذه المخاطر أن يبقى الإنسان دون استراتيجية؟

بنظرة موضوعية لواقع الإعلام العربيّ، يمكننا القول دون تجن إنه إعلام التسلية، على النقيض مما هو عليه الإعلام الغربيّ، فالفضائيات العربية التي تملأ الأفق العربيّ تخلو من أية فلسفة تحكمها أو حتى هدف يوجهها فضلا عن أنّ 50 % من برامجها مستوردة من الخارج وأميركا في المقدمة، وتصل إلى 80 % وهناك أربع وكالات تحتكر الأخبار من أميركا وفرنسا وبريطانيا، فهل يمكن الحديث عن مصداقية أو نزاهة! إنّ أغلب فضائياتنا العربية لا هدف لها سوى مخاطبة الغرائز ومن النادر جدا أن نقف على برنامج يخاطب العقل. الأدهى أنّ هناك فضائيات عربية دأبت على بث نار الفرقة والشقاق بين المجتمع العربيّ. الإحصائيات تؤكد انّ في العالم العربيّ 696 قناة على 17 قمرا صناعيّا، يشاهدها أكثر من مليون مشاهد بينما 42 مليونا للقنوات المشفرة، ويمضي الشاب العربي ما يعادل 22 ألف ساعة أمام الشاشة في المقابل يمضي 14 ألف ساعة في مقاعد الدراسة. وفي مصر وجدت دراسة “أنّ اطفال القاهرة يمكثون أكثر من 28 ساعة اسبوعيا امام الشاشات! 

لدينا في عالمنا العربيّ قوة لا يستهان بها لكن المؤسف والمحزن أننا لم نحسن استثمارها في بناء شخصية العربي والحفاظ على هويته بل يتم توجيهها لتدمير الانسان العربيّ. بقي أن نشير الى أنّ الإعلام أصبح البديل عن الأسرة في التربية. ويؤكد عالم الاتصال هالوران من خلال دراسة أجراها أنّ 97 % من الأطفال في سنّ الحادية عشرة أعلنوا انهم يثقون بالتلفزيون كمصدر إعلاميّ أكثر من ثقتهم بآبائهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .