العدد 2968
الثلاثاء 29 نوفمبر 2016
banner
من الذي أثر بالآخر؟
الثلاثاء 29 نوفمبر 2016

يصعب تحديد من الذي بدأ أولا، وبالتالي من الذي أثر في الآخر، نحن أثرنا عليهم أم تأثرنا بهم، ولكن النتيجة في آخر الأمر واحدة وهي غلبة انتشار التيارات الميالة للعنصرية في دول الغرب التي طالما تبجحت بالمساواة والعدالة وانتفاء التمييز فيها.

منذ سنوات والتيارات اليمينية تنتشر وترتقي في حصد الأصوات الانتخابية في البرلمانات الغربية أو البلديات، إلا أنها في الوقت الحالي تقدمت خطوة أخرى نحو قمة هرم السلطة فيها بعد أن رأينا كيف وصل الرئيس الأميركي المنتخب إلى الفوز في الانتخابات الأخيرة، وهاهو الناخب الفرنسي يميل أخيرا إلى انتخاب اليميني، أو أن حظوظ اليمين المائل للعنصرية زادت في الانتخابات!

في وطننا العربي لم يقصر اليمين، فمنذ سنوات وهو يسرح ويمرح على الأرض العربية، حيث حولها بصورة غريبة إلى ساحة للصراع غير المفهوم عند الكثيرين، ووصل به الحال إلى مقاتلة بعضه البعض في صراع على السلطة فقط، غير آبه بنتائج هذا الصراع على الأرض والإنسان العربيين، واستخدم في صراعه وسائل وأدوات يدغدغ بها مشاعر المواطن ويضرب بها على الوتر الحساس سواء الوتر العنصري أو الطائفي الذي زرعه الغرب في وطننا أو استغله على أقل تقدير ليحول به وطننا العربي إلى أرض معارك - لا معركة واحدة - يتقاتل من خلالها الجميع مع الجميع، فلا عدو معروف ولا صديق معروف.

ربما نحن بحاجة إلى بحث في التاريخ لنعرف من الذي بدأ ومن الذي تأثر بهذا النهج غير الوطني أو الإنساني. ربما تكون أوروبا قد بدأت فيها هذه النزعة منذ قرون ثم بدأت تشفى منها بعد ذلك من خلال حروب طاحنة، ثم أرادت توريدها لمنطقتنا العربية من خلال الاستعمار الذي ساد هذا الوطن في القرنين الماضيين، ثم أكملت الصورة بعد ذلك بدعمها الثورة الإيرانية أواخر سبعينات القرن الماضي وغزوها العراق بداية القرن الحالي لتكمل العمل الذي بدأته منتصف السبعينات بدعمها بعض التيارات الدينية أو المغطاة بعباءة الدين، ليتحول من خلال ذلك وطننا العربي إلى ما نراه اليوم، إلى فسيفساء متطاحنة لا هم لها إلا الوصول غير عابئة بالنتيجة ولا الآثار المترتبة على كل ذلك.

فهل ستميل أوروبا والغرب إلى ما فعلته بنا وتتأثر بما نحن عليه أو ما زرعته فينا لتحصد ثمار عملها في الغير، ويميل السلاح الذي استخدمته عندنا لفعل فعله على أرضها، وهل ستعود إلى العنصرية الشوفينية لتنخر في جسدها المهترئ كما تنخر حاليا في جسد وطننا العربي؟ وهل ستفتت أميركا إلى دول أو دويلات لتعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب بين الشمال والجنوب الأميركيين؟ بكل صراحة أتمنى ذلك، وأتمنى أن يكتوي الغرب بالنار التي أشعلها في وطننا العربي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .