يوم الجمعة الفائت شهد المجتمع البحريني حادثة أليمة، راحت ضحيتها فتاة بحرينية، لقيت مصرعها برصاصة في رأسها أمام طفلها البالغ 6 سنوات من العمر، ما إن وقعت الحادثة حتى تنافس الكثيرون على نشر تفاصيلها، كما وصلهم أو كما يحلوا لهم، متناقلين الخبر بالأسماء والصور قبل التأكد من صحته مع تحليلات مسيئة تطعن في العرض والشرف دون مراعاة مشاعر أهل الضحية، ومنهم من أقحم الطائفية والدخول في نقاشات عنصرية فيها قذف وإساءة للآخر بلا وعي أو ضمير.
للأسف أصبحت وسائل التواصل وسيلة للفضفضة ونشر أفكار متطرفة وغير مقبولة بقصد لفت الأنظار، أو تفجير الكبت والتراكمات النفسية لدى ضعفاء النفوس، فأصبحت لشهرة الصالح والطالح، فهوس زيادة المتابعين جعل الكثيرين يتخبطون في أساليب الطرح، منهم من استخدم أساليب القذف والتشهير، وآخر يجره هوس السبق في نشر الأخبار إلى فضح أسماء وتلفيق تهم والترويج لها أو تأليف قصص بعيدة عن الواقع.
ما حصل مؤخراً في وسائل التواصل بعد حادثة قتل الفتاة يؤكد حجم خطورتها على المجتمع بسبب سوء استخدام بعض الجهلاء لها، كما يدل على قلة وعي الكثيرين بالتعامل معها، مصالح شخصية وظروف نفسية ساهمت في نشر معلومات مغلوطة وتحليلات جارحة تطعن في العرض والشرف!
نواجه بسبب جهل وسذاجة بعض مستخدمي وسائل التواصل سلوكيات خاطئة مضللة بالأفعال أو الشائعات، وتناقل الأخبار الملفقة دون التأكد من مصادرها، أو نشر أخبار لا تصلح للنشر، مما يثير البلبلة والفتنة والفوضى بين أفراد المجتمع وقد تسبب الخطر والضرر لأصحابها .
علينا نشر الوعي وتكثيف النصح وتشديد العقوبات على كل مسيء ليعلم الجميع قدر مسؤولية الكلمة، فالحرية لا تتمثل مطلقاً في ترويج الشائعات والتصفيق للباطل خصوصاً وسط مجتمعات بها آذان صاغية هاوية للفتنة وإلحاق الأذى بالآخر، يتناقلون كل ما يحقق لهم رغباتهم ونزواتهم ويشبع غرائزهم بسرعة البرق جاهلين عواقب الأمور. كل ذلك بالتأكيد يعود لضعف الإيمان وضعف الوازع الديني، صفات ليست من سيم الإسلام، وختاماً أقول من أراد نشر ما هو خير وصلاح فجزاه الله خيراً ومن أراد نشر الشر والفساد في الأرض فليصمت، فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ).