العدد 3002
الإثنين 02 يناير 2017
banner
هو فنجان قهوة نرتشفه سويةً... ولن أملّ من الانتظار
الإثنين 02 يناير 2017

وأخيرا هوت النجمة من غيوم المعركة الضارية، خفت الألق، وجَمت السماء، اندقّ عنق الوردة الندية قبل الأوان، ترجلتِ الفارسة عن جواد قلم عاشق، مبكرًا جدًا، وامتشقتِ الرحيل؟

إلى أين يا صديقتي؟

وعدتني بالنصر، بأن تكوني أنت من نضع على رأسه إكليل غار وانتصار؟ كيف غافلك ذلك الشرير؟ وسلبك إكليلك؟ ألم يقولوا إنك ستنهزمين في ستة أشهر وها أنتِ راوغتِه سبع سنوات، وكنت قدوة لنا جميعا بالاصطبار والتجلّد.

ألم ترفعي شعار "طنش تعش تنتعش"؟ ماذا حصل لهذا الشعار الذي لطالما رددته ولطالما أضحكتني عندما كنت تقولينه أمامي. أولم تكسبي وبجدارة أعلى العلامات في أصعب اختبارات التحدي والنزال؟ لماذا لم تنتبهي لآخر ورقة امتحان؟... ماذا كان السؤال الصعب في "الورقة الأخيرة"؟

هل تعلمين يا صديقتي "ريم" أن الإنسانية خجولة، مذ أغمضت عينيك في غفوة أبدية كملاك لا يعرف سوى الطهارة.

نعم... خجولة من شراسة الحرب الضروس التي عايشتِها... من أيام العذابات في البحرين حيث كنت تشكين لي يوميا بأنك لم تذوقي طعم النوم من الألم... وزوجك سهرانٌ لمواساتك... وفي الصباح كعصفورة تحلقين وتوزعين ورود الابتسامة على الوجوه المكفهرة، فتغرسين الحب في قلوب الأصدقاء، وتنثرين الفرح في عيون الأحبّة.. ولكنّ أحدًا لا يدري بآلامك... بعضهم كان يقول... ليست مريضة "كنسر"! هذا صحيح.. لأنك كنت أمامهم كالكوكب المستنير... وحياةً تعج بالحياة...

وهل تعلمين يا صديقتي... أن الإنسانية خجولة أيضًا من نظراتك التي كانت قلقة هناك؟ من بدء تعملق جدار الانهزام حولك في منفى العلاج في سنغافورة، من عبارة كررتِها لي باستمرار "مليت من الغربة"... من صليب ثقُل وغلَظ حمله بسبب الكيماوي، رفعتِه على كتفك وحيدة متعاليةً، تتجرعين كأس المرارة بصمت، وتنوئين تحت ثقله بجلَدٍ وكبرياء.

وهل تعلمين يا صديقتي أن هناك أناسًا في المقابل لا يخجلون.. أولئك أسياد الشر، وطباخو السم، الذين يبددون المليارات من أجل اختراع أسلحة فتاكة تقتل الأبرياء، ويرفضون صرف جزء من ثرواتهم الطائلة على اختراع دواء قد يكون بسيطًا يقضي على قاتلك اللعين...

أولئك كيف لا يخجلون يا حبيبتي من براءتك..

من طيبة قلبك..

من ابتسامتك التي نهوى..

من أوجاعك، من آلامك، من أنينك في الليالي الطوال، من كتاباتك التي تسيل ألمًا على نافذة الوتسب حيث تقولين لي حرفيًا "الله يعين دايخة من الجرعة عسولة بس أحاول أتحمل"... "عسولة وحشتيني...أنا أمشي بصعوبة وايد"... "ادعيلي عسولة وايد تعبانة اليوم"... "حولني الطبيب على الإشعاعي، الرديشن أخف من الكيماوي شوي"...

هم حتى يا صديقتي لم يخجلوا من رحيلك في زمن البرد...

لكنني سأعاتبك الآن لأنك لم تفي بوعدك لي، هل تظنين أنني نسيت ما قلته لي، إن حلمك الوحيد عندما تشفين أن نذهب سوية إلى "كاريبو السيف" ونرتشف القهوة مثل الأيام الخوالي وندردش، ونضع خططا صعبة التحقيق كالعادة للمستقبل، إنه حلم بسيط لماذا بخلتِ فيه عليّ؟

انتظرتك كثيرًا وكثيرًا جدًا كي تعودي ونشرب القهوة هناك.. أنت بنكهة البندق كما تطلبينها غالبًا، وأنا قهوتي سوداء حالكة...

لماذا لم تأتي؟

ليست من عاداتك أن تتأخري عن لقاءات من تنادينها "عسولة" في قهوتنا المفضلة..

لكن اعلمي أنا مازلت أنتظرك ولن أملّ من الانتظار رغم أنه صعب... هو فنجان قهوة أيتها القاسية... واطمئني فطيفك لا يفارقني أبدًا ليس فقط في "كاريبو السيف" حيث مكانك المفضل، بل أيضا في المطاعم التي كنا نذهب إليها.. والكوفي شوبات والشوارع وفي كل الأماكن التي جمعتنا سوية...

وسأظل أنتظر وأنتظر إلى أن يحين يوم اللقاء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية