العدد 3003
الثلاثاء 03 يناير 2017
banner
عزيزتي ريم... لماذا يرحل الطيبون بسرعة؟
الثلاثاء 03 يناير 2017

هذه المرة الأولى أكتب ناعيا زميلة مهنة. من أين سأبدأ؟ وماذا أكتب؟ وهل سأنصفها؟ و...؟ 

تنهمر الأسئلة، وتنسكب العين، وتسيل الدمعة. وأحار بين الحزن أو الكرب الشديد. ولا أجد مفرا من مواصلة الضغط، بتثاقل كئيب، على الحروف السوداء بالكمبيوتر؛ لأرثي الزميلة العزيزة المرحومة ريم حسن الجودر.

في كل مرة نشيِّع عزيزا لمثواه الأخير، إلى جوار ربٍ كريم، يقدح في الذهن سؤال: “لماذا يرحل الطيبون بسرعة؟”. 

منذ باغتني نبأ وفاة الراحلة برسالة، من أخيها النائب محمد الجودر، لم يتوقف دوران شريط من الصور واللقاءات و “السوالف” الاجتماعية مع المرحومة.

أتذكَّر الزميلة البشوشة المحيَّا. لا تفارق الابتسامة وجهها. جدران رواق التحرير تتسابق بشوق؛ لتكون صدى ضحكاتها. وعشقها للعطور غيمة، تعبر مكاتب التحرير. وتشيع أوكسجينا عذبا.

توالي الحديث فيما يزعجها بقلب مفتوح. وصراحتها غير الجارحة مقبولة. ولن تجد زميلا يتذكر مشهدا سلبيا معها.

هي ظبية القسم الاقتصادي، كاسمها الجميل. تصول يوميا لانتزاع خبر مهم، من مسؤول بشركة صاعدة، وتجول بين الاقتصاديين الواعدين؛ لنشر قصصهم، وتشجيع أقرانهم على دخول مغامرة حميدة بمضمار “البزنس”.

لا تدفع الصحيفة عددا إلى دواليب المطبعة إلا واسم “ريم الجودر” مدبّجٌ بخبر لافت أو مقابلة مميز. اسمها أحد أختام الصحيفة.

تنفسّت المرحومة الصحافة، وقرّرت أن تكون صحافية حتى آخر يوم عمل. بالرغم من منغصات واجهتها مع مهنة “البحث عن المتاعب”. لم تتعبها الصحافة، ولكن أتعبها المرض اللعين.

ولا أنسى أنها خلعت عليّ لقب “ولدي”. وسرُّه في بداية البدايات، عندما دخلت صحيفة “الأيام” في العام 2002 صحافيا متدربا بقسم الشؤون المحلية، بدأت أكبر كما يكبر زملائي. وبدأت أتعلم من كبار زملاء المهنة. واستفدت من جميع الزملاء، حتى عامل الخدمة البسيط، عندما يجوب قاعة التحرير بالشاي والبسكويت.

انتعشت الصحافة في ذلك الزمان، وافترقنا، ثم التقينا بصحيفة “البلاد” في أكتوبر 2008. ودون اتفاق أو تنسيق، عاد شمل الأم لابنها الرمزي، إلى أسرة تحرير أحدث الصحف الوافدة بالمشهد البحريني.

ولكن ريم قرّرت أن تغادر. هي لم تُقرِّر. ولكنها خلّفت عائلة ثكلى وزملاء محزونين. يقرع الرحيل المر لأيّ عزيز جرس القلب. ويُذكِّر للتأمل والتدبُّر. 

وإنا لله وإنا إليه راجعون.  

 

راشد الغائب 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .