+A
A-

فرنسا.. محاكمات تستهدف من يساعد المهاجرين "غير الشرعيين"

تواصل السلطات الفرنسية في إقليم "آلب ماريتيم" جنوبي البلاد، مقاضاتها لمواطنيها ممن يقدّمون المساعدة للمهاجرين غير الشرعيين، وتيسير سبل عبور هؤلاء للحدود الفرنسية الإيطالية.

وقاضت السلطات مزارع فرنسي يدعى سيدريك هارو، ويقيم في قرية "بريل سير رويا" الجبلية، شمال شرق مدينة "نيس" على الحدود الإيطالية، بتهمة "تيسير دخول وتنقّل وإقامة غير شرعية" لمهاجرين.

وبحكم وجود "بريل سير رويا" على بعد كيلومترات فقط من مدينة "فانتيمل" الإيطالية، تحوّلت القرية الفرنسية إلى ما يشبه الممر الآمن للمهاجركين غير الشرعيين العابرين للحدود سيرا على الأقدام.

وطالب المدّعي جان ميشيل براتر، خلال المحاكمة، بالسجن لمدة 6 أشهر مع وقف التنفيذ بحق هارو، إضافة إلى فرض قيود تقضي باستخدام رخصة سياقته لأغراض مهنية فحسب، ومصادرة سيارته.

وخلال الجلسة، قال هيرو مبرّرا ما قام به لقضاة محكمة نيس والمدعي براتر: "فعلت ذلك أن هناك أشخاصا يواجهون مشاكل، وهناك أشخاصوا قضوا على الطريق السريعة، وعائلات تعاني، ولأن هناك دولة وضعت حدودا ولا تتعامل مع عواقب ذلك".

أما المدعي، فندّد من جهته باستخدام الجلسة "منتدى سياسيا".

وفي تصريح له في نهاية الجلسة لإذاعة "فرانس أنفو"، قال هيرو: "لا أريد أن أجد نفسي مضطرا لأن أشرح لأطفالي بأني لم أفعل شيئا".

وتابع: "الناس يسألوني لماذا أساعد هؤلاء الأشخاص على مغادرة الألب ماريتيم؟ أنا أفعل ذلك فقط لأنهم في خطر هنا ولأن حقوقهم لم تُحترم".

ويواجه هيرو اتهاما بإيواء نحو 50 مهاجرا من اريتريا في مركز مهجور كان يستخدمه المكتب الوطني للسكك الحديدية في "سانت دالماس دي تنده" بإقليم "الألب ماريتيم".

كما مثل هيرو، في أغسطس الماضي أمام المحكمة بتهمة نقله 8 مهاجرين إريتريين، على متن سيارته من إيطاليا نحو فرنسا، قبل أن يفرج عنه بعدما تأكد القاضي أنه تصرف بدوافع "إنسانية" ولم يحصل على أموال مقابل خدماته.

وقدّر المدعي أن المزارع لم يتصرّف من باب الإيثار، قائلا: "أتساءل كيف يمكن اعتبار أن في نقل أشخاص من إيطاليا إنقاذا لهم". 
وأضاف أنه "ليس من مشمولات العدالة أن تقرر تغيير القانون، ولا إعطاء درس في الدبلوماسية لهذا البلد أو ذاك".

ويواجه هيرو في حال إدانته حكما بالسجن لمدة 5 سنوات نافذة وغرامة مالية قد تصل إلى 30 ألف يورو.

وتأتي محاكمة هيرو على خلفية التنديد العام بما قام به من قبل عدد من السياسيين بالمنطقة، بينهم إيريك سيوتي، رئيس المجلس المحلي للألب ماريتيم، وهو أيضا نائب الأمين العام لحزب "الجمهوريين" (يمين). 

وتساءل سيوتي تعقيبا على انتخاب هيرو "رجل العام" في المنطقة من قبل قرّاء صحيفة "نيس ماتان": "من يمكنه الجزم بأنه لا يوجد من بين المئات من المهاجرين ممن يتبجّح السيد هيرو بأنه عبر بهم الحدود، إرهابي مستقبلي؟".

من جهتها، أطلقت المنظمة الإنسانية الفرنسية "رويا للمواطنة"، وهي المنظمة التي ينشط فيها المزارع هيرو، عريضة بعنوان "التضامن ليس جريمة.. التضامن ليس عملا غير قانوني"، استنكرت فيها "كيف يعاقب شخص قدّم المساعدة لآخرين في خطر، مع أن كل ما يفعله –تماما كآخرين- هو طرح نفسه بديلا عن الدولة الفرنسية؟"

وأضافت أن "فرنسا بلد حقوق الإنسان، والمصنفة خامس قوة عالمية، والتي ترفض تقديم المساعدة للاجئين في المنطقة الحدودية، تضع نفسها تبعا لذلك، خارج نطاق القانون الدولي".

وتأتي محاكمة هيرو التي من المنتظر أن يصدر الحكم فيها في 10 فبراير القادم، قبل يومين من حكم القضاء الفرنسي في قضية مماثلة يواجه فيها أستاذ باحث بجامعة "نيس صوفيا أنتيبوليس" يدعى بيير آلان مانوني، تهمة مساعدة 3 مهاجرات من اريتريا. 

وفي 17 أكتوبر الماضي، أوقفت الشرطة الفرنسية مانوني وبرفقته 3 فتيات من ارتيريا كان في طريقه لإيصالهن إلى محطة القطار المتجه نحو مرسيليا.

"كنّ خائفات"، يقول مانوني في مقال له نشره موقع "ميديابارت" الفرنسي، "وكنّ يرجفن من البرد ومتعبات، ويضعن ضمادات على أيديهن وأرجلهن، بل إن إحداهن كانت تئنّ مشيرة بحركات تدل على الألم، فيما عجزت الثانية عن حمل حقيبتها اليدوية بسبب الألم في يدها".

وفي ديسمبر/ كانون أول 2015، أدينت أستاذة فرنسية محاضرة متقاعدة تدعى كلير مارسول من قبل محكمة "غراس" بالآلب ماريتيم، بدفع غرامة مالية قدرها ألفًا و500 يورو، لمساعدتها مهاجرين إرتيريين على التنقل من نيس إلى أنتيب.