+A
A-

"عسل ومطر وغبار”.. فيلم يوثِّق مشاق العسّالين الإماراتيين

تبرز المخرجة الاماراتية المبدعة الغانم التفاصيل الخفية في جني العسل من المرتفعات الجبلية في شمال الامارات في فيلمها الجديد “عسل ومطر وغبار” والذي يروي ذاكرة مربّي النحل بصورة شاعرية جميلة، وكأنها في رحلة مع المشاهدين وبلمسات اماراتية شعبية مع مشاهد حداثية هنا وهناك مع الاحداث.

الفيلم الوثائقي “عسل ومطر وغبار” الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي فؤ دورته الاخيرة ضمن مسابقة المهر الإماراتي، اعتمد على كتابات للشاعر عبد العزيز جاسم، بمشاركة كل من الشاعر والباحث خالد البدور والباحثة منيرة الحميدي، حول طقوس جامعي العسل في الجبال، وحول تقنياتهم الفطرية الجميلة والتي صورت بطريقة سهلة جدا للمشاهد رغم صعوبة التصوير في هذه الاماكن، عن اقتفاء آثار النحل، اعتماداً على الحدس والخبرة والطبيعة (نجم سهيل) للحصول على العسل الجبلي من الكهوف والاشجار

تفتح المخرجة الاماراتية الفيلم بمشاهد اصرار وتحدي رجال ونسوة في المناطق الجبلية الصعبة للحصول على العسل بثلاثة نماذج هم رجل وامرأتين من الامارات يبحثون عن الذهب الاصيل، ومدى براعتهم في ذلك، خصوصا في تعاملهم مع المناحل وكيفية اقامتها في الاماكن المعينة في تضاريس صعبة بشغف كبير وسط استمرار وتكرار أزيز النحل مع الاحداث.

الشخصيات الثلاث الرئيسة هم: غريب اليمّاحي، وعائشة عبد الله النقبي، وفاطمة النقبي، في ثلاث مناطق، تحتفي بعزلتها وابتعادها عن أضواء المدينة وضجيجها، وهي : منطقة دفتا، ووادي سنا، ومنطقة شيص، وكيف يعيشون حياتهم، فهم لا يملكون كهنة الا العسل والبحث عنه. عمدت المخرجة ان تجعل من شهادات هولاء الثلاثة كرواية قصة من ذاكرة خصبة بين الماضي والحاضر مع موسيقى جميلة تتناسب القصص وترصد كاميرتها القصص والضحك، والحزن والحكمة، والخبرة، والبساطة الشعبية التي نبحث عنها.

فتقدم لنا كاميرا الفيلم المشاهد الخطرة لجولة فاطمة النقبي في المنحدرات الجبلية، بحثاً عن خلايا العسل، وكيف أن التغيرات المناخية حوّلت هذه الجبال إلى قامات صماء وصلدة، وأن المهنة التي توارثتها عن أجدادها آخذة في الضمور والتلاشي، ويأخذنا غريب اليمّاحي إلى مزرعته، وإلى مصائد العسل في الجبال القريبة، وحكي قصة ان النحل يعطش مثل الانسان ولا يشرب الا الماء العذب، وفي لقطات جميلة نشاهد وسط النحل بدون أي قرص، وكما يقول غريب ان نحل الامارات مثل شعبه مخلص ولا يخون صاحبه أبداً، وتقص لنا عائشة النقبي بحرقة عن اختفاء هذه المهنة للاسف في الامارات وتكشف عن قلقها من هجرة النحل واختفائه إذا استمر الغبار والضجيج في ترويعها.

نجحت المخرجة نجوم الغانم في هذا الفيلم كما الافلام السابقة، اولا تقديم الفيلم الاماراتي الشعبي والذ يلاقي استحسان كبير خصوصا وعرضه في المهرجانات الدولية، وفي “عسل ومطر وغبار” استطاعت ان تبدع في ذلك في سحر الماضي والمستقبل من خلال موضوع ممتع غير مسبوق في الانماط السائدة من تجارب السينما العربية غير الروائية، فأغلب المشاهد تحمل دلالات موحية ونداءات ضمنية لإنقاذ الموروث المادي وغير المادي في الإمارات والخليج من التغيرات الهائلة. وتقول المخرجة نجوم الغانم  ان لديها مشروع فيلم روائي طويل، وتم تقديمه إلى مسابقة "إي دبليو سي" وسيرى النور في السنة المقبلة وهو بعنوان "آلات حادة لصنع الفن"، وهناك أيضاً فيلم روائي تحضر له بعنوان "سالم".