+A
A-

إنشاء نيابة متخصصة للمصارف بنهاية العام الجاري

تسعى جمعية مصارف البحرين إلى تطوير تعزيز دور المصارف والبنوك في مملكة البحرين، والعمل على استعادة الثقة في هذا القطاع المهم الذي للبحرين الريادة فيه على صعيد المنطقة ومنذ سنوات طويلة.

وقال الرئيس التنفيذي للجمعية وحيد القاسم إن الجمعية تعكف حاليًّا على عقد اجتماعات مع الجهات المعنية بخصوص إنشاء "نيابة متخصصة في المصارف"، حيث يتوقع أن ترى النوم مع نهاية العام الجاري.

كما ذكر أن نسبة التعثر أو عدم القدرة على الالتزام بالسداد لا تتجاوز 4 %. وهذا نص اللقاء:

* ما خططكم لتطوير عمل وأنشطة الجمعية؟ وما أولويات عمل الجمعية للعام الجديد 2017؟

- لقد وضع مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين استراتيجية طموحة تهدف لتعزيز دور الجمعية كممثل للمصارف البحرينية، واستعادة ثقة مختلف المصارف وصولاً لوضع تصورات وحلول شاملة للتحديات التي تواجه القطاع المالي والمصرفي في البحرين، وتعزيز دور الجمعية كمنسق دائم بين المصارف من جهة ومصرف البحرين المركزي من جهة أخرى.

وبعد هذه الانطلاقة المستندة إلى خطة عمل منهجية، سنركز أنشطتنا أكثر خلال العام 2017 على ثلاثة محاور، هي مراجعة الأنظمة والقوانين المصرفية مع مصرف البحرين المركزي، وعمل الدراسات والبحوث التي تفتح آفاقًا جديدة أمام القطاع المالي والمصرفي، وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية ذات الصلة والمشاركة فيها، إضافة إلى مواصلتنا العمل على إدخال تحسينات في جميع مفاصل عمل الجمعية.

ونحن نسعى إلى مد مظلة الجمعية لتشمل جميع المؤسسات المالية في البحرين، فنحن نود أن نرى مصارف قطاع التجزئة، والبنوك الإسلامية، وشركات التأمين، وشركات الاستثمار والمؤسسات المالية الأخرى، معًا تحت مظلة واحدة منظمة، وبالمقابل نحن نتطلع إلى المزيد من المساهمة الفاعلة من أعضاء الجمعية.

لقد طرح اتحاد المصارف في البحرين فكرة تشكيل اتحاد للمصارف الخليجية، وهناك موافقة من دولة الإمارات والكويت وسلطنة عمان، ومن المقرر أن يتم الحصول على موافقة بقية البلدان الخليجية خلال الفترة المقبلة، وأن خطوات إقامة هذا الاتحاد سوف تبدأ في القريب العاجل، وقد تكون دولة الإمارات مقرًّا لهذا الاتحاد.

* كيف يمكن للجمعية المساهمة في دعم القطاع المصرفي في مملكة البحرين؟

- إن المهمة الأساسية للجمعية، أو لنقل سبب وجودها الأساسي، هو دعم القطاع المصرفي في البحرين، وذلك عبر الكثير من الأمور، وعلى رأسها التعاون مع المصرف المركزي في طرح مرئيات القطاع المصرفي الخاص والوصول إلى رؤى مشتركة حوله، تصب جميعها في خدمة القطاع المصرفي والمالي والاقتصاد البحريني.

ونحن نسعى دائمًا لتسليط الضوء على قطاع الخدمات المالية في البحرين، واستعراض الفرص الاستثمارية المتاحة في سوق الخدمات المالية بغية استقطاب المؤسسات الدولية لاتخاذ البحرين مقرًّا لها لخططها التوسعية، حيث إن البحرين جزء من سوق مجلس دول التعاون الخليجي، أحد أكثر الأسواق نموًّا في العالم في قطاع الخدمات المالية، والتي تصل قيمته إلى 1.5 تريليون دولار، إضافة إلى وجود القوى العاملة المحلية المؤهلة، وتكاليف التشغيل المنخفضة، والبيئة التنظيمية المواتية، والوصول إلى الأسواق الرئيسية، مما جعل البحرين في موقع مثالي لجلب الاستثمارات والوصول إلى هذه السوق.

* عقدت الجمعية مؤخرًا اجتماعًا ناقشت من خلاله إنشاء هيئة تحكيم مصرفية في البحرين. إلى أين وصل هذا الموضوع؟ وما الخطوات المقبلة لديكم بخصوص إنشاء هذه الهيئة، والنتائج المرجوة من قيامها؟

- في الحقيقة نحن عقدنا أكثر من اجتماع مع قيادات ومسؤولين في مصارف لهذا الغرض، وذلك انطلاقًا من إدراكنا للحاجة الملحة لتسريع الإجراءات القانونية والقضائية الناجمة عن التعاملات المالية بين البنوك والعملاء من جهة، وبين البنوك أنفسها من ناحية أخرى، خاصة وأن قضية تعتبر بسيطة مثل الشيك المرتجع للبنك تستغرق حاليًّا من ثلاثة إلى أربعة أشهر من المراسلات بين البنك ومركز الشرطة والنيابة العامة ريثما تتم مباشرة الدعوة.

ونحن نعتقد إن الحل لكثير من التحديات القانونية التي تواجهها البنوك هي إنشاء "نيابة متخصصة في المصارف" كما هو معمول به في العديد من الدول، حيث قد لا يستغرق الوقت المطلوب لاسترداد حقوق البنك أو الشخص حامل الشيك أكثر من 24 ساعة، ونحن نفخر بأن لدينا في البحرين تشريعات متطورة ونظام قضائي يسعى للتطور الدائم، لكن المشكلة الأساسية هي بطء الإجراءات.

لذلك، أؤكد أن الجمعية تعمل على وضع تصور مبدئي لما يمكن تسميته "محكمة أو هيئة تحكيم مصرفية"، مهمتها الأساسية حل الخلافات الناشئة عن التعاملات المالية والمصرفية على أرض مملكة البحرين بسرعة وكفاءة، بما يراعي خصوصية القضايا المالية والمصرفية والخبرات الدقيقة التي تتطلبها، وسرعة البت فيها وتنفيذ أحكامها، وبما يسهم أيضًا في الحفاظ على سمعة القطاع المالي والمصرفي المتطور على مدى أكثر من أربعين عامًا، ويعزّز من جذب استثمارات أجنبية في هذا القطاع.

ولقد سبق وناقشت شخصيًّا هذا الأمر بشكل مبدئي مع مسؤولين في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للقضاء، ولقيت كل التفهم والدعم والتأييد من قبلهم.

ونؤكد في هذا الصدد أهمية تعزيز الجسم القضائي بالمزيد من الخبرات القادرة على البت في القضايا المالية والمصرفية باحترافية، خاصة وأن طبيعة القضايا المصرفية دقيقة جدًّا ومتطورة بشكل دائم، كما أن التعقيدات البيروقراطية وبطء التنفيذ في أي جهاز قضائي من شأنه أن يسفر عن خلق بيئة طاردة للاستثمارات بدل أن يكون جاذبًا لها، خاصة وأن أول ما يسأل عنه المستثمر هو ضمان حقوقه وحصوله عليها بسرعة.

وأود هنا أن أجدّد شكري لمحافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج على الجهود التي يقوم بها من أجل المضي قدمًا في مشروع إنشاء جهاز قضائي متكامل مختص بالقضايا المالية والمصرفية، والتواصل الفعال مع المعنيين في الدولة بهذا الخصوص، والتأكد من تنفيذه في المستقبل القريب، بما يعزّز من ريادة القطاع المالي والمصرفي في مملكة البحرين.

إن هذا المشروع سوف يشجّع المزيد من جذب الاستثمارات إلى البحرين نظرًا لوجود نظام قضائي متخصص في قطاع البنوك والمصارف.

ولو سارت كل الأمور الخاصة بهذا المشروع مثلما خطط له فإن هذه المحاكم المتخصصة في القطاع المصرفي سوف ترى النور قبل نهاية العام الجاري، وإن وجود هذه المحاكم سوف تختصر الوقت الذي تحتاجه القضايا من عدة سنوات إلى ما بين 90 إلى 120 يومًا.

* كيف تنظرون لتراجع أسعار النفط وتأثيرات ذلك على القطاع المصرفي؟ وهل هناك تأثيرات مباشرة على حجم السيولة في القطاع؟

- أؤكد لك قدرة المصارف البحرينية بشكل عام على مواجهة الضغوط الاقتصادية والتمويلية الناجمة عن هبوط أسعار النفط، وذلك يعود لسببين أساسيين: أولهما مستويات السيولة المالية الجيدة التي تتمتع بها هذه المصارف، حيث تتمتع المصارف في مملكة البحرين بمتوسط معدل ملاءة في رأس المال يبلغ 18 %، وهو المعيار الذي يقيس متانة القطاع المصرفي وقدرة البنوك المحلية على مواجهة المخاطر المالية، أما السبب الثاني فهو الكفاءة التشغيلية في ظل الرقابة الحثيثة التي يمارسها مصرف البحرين المركزي.

ولا أكشف سرًّا هنا إذا قلت إن جمعية مصارف البحرين عقدت عدة اجتماعات مع مسؤولين حكوميين في إطار تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والبحث عن مشاريع حكومية كبرى مثل مشاريع البنية التحتية ومشاريع النفط والغاز التي من الممكن أن تدخل المصارف الخاصة في تمويلها.

ونحن نترقب أن تواصل البنوك العاملة في البحرين تحقيق أرباح جيدة، وإن لم تصل إلى مستويات العامين 2014 أو 2015، عندما حققت بعض البنوك نتائج نمو فاق الـ 15 %، لكن البنوك بشكل عام ستبقى في مقدمة المؤسسات الاقتصادية التي تنهض بمسؤولية دعم وتنمية الاقتصاد الوطني.

وهناك عدة أسباب تدعو للتفاؤل هنا، من بينها عودة النفط للارتفاع التدريجي، وسط توقعات أن يبلغ متوسط سعر البرميل في 2017 ستين دولارًا، بعد أن بلغ المتوسط في 2016 أربعين دولارًا، ثم أن مشاريع برنامج التمويل الخليجي مستمرة.

* تعتبر عمليات اندماج البنوك والاستحواذ من الموضوعات المهمة التي ينظر لها بهدف تأسيس كيانات مالية قوية. ما رأيكم في موضوع الاندماجات بين البنوك والمصارف؟ وتأثيرات ذلك على القطاع؟ وهل هناك بنوك ومصارف ستشهد اندماجات فيما بينها خلال الفترة المقبلة؟

- الدمج بين المؤسسات المالية خيار مطروح بقوة في مملكة البحرين، في ظل مجموعة من العوامل التي تلعب دورًا حاسمًا في هذا المجال، ومن بينها ضرورة الإيفاء بمعايير "بازل 3"، والحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار المالي في ظل تهاوي أسعار النفط، والرغبة في حماية السيولة إزاء تدفق الودائع الخاصة والعامة إلى الخارج، وعمليات الدمج تهدف إلى تقوية القطاع المصرفي البحريني وتعزيز قدرته التنافسية على المستوى الإقليمي، خاصة مع توجه المصارف الصغيرة والمتوسطة إلى الدمج نتيجة ارتفاع كلفة الالتزام بالمعايير المصرفية الجديدة، وفي نوفمبر الماضي فقط، جرى حديث عن "نقاش لصفقتي اندماج بين 4 بنوك محلية في البحرين"، وفي الحقيقة أن التوجه نحو اندماج المؤسسات المالية يظهر بوضوح في البحرين أيضًا في شركات التأمين.

أنا لا أحبّب أسلوب وفكر الأرخبيل، بحيث ينحصر التفكير والتطوير في المكان الذي أنا فيه، وهذه نظرة خاطئة، ولدينا بنوك صغيرة عندما تندمج بحيث لا تؤثر على تنافسية السوق فإن ذلك توجه مطلوب ومهم.

ومن المعروف أن صفقات الدمج تبقى طي الكتمان إلى حين الإعلان عنها رسميًّا من قبل مصرف البحرين المركزي، أو الجهات ذات العلاقة، لكن على أية حال من المتوقع أن نشهد خلال العام الجاري عمليات دمج بين مؤسستين ماليتين أو أكثر، وذلك على غرار ما حدث في الإمارات منتصف العام الفائت، عندما اتفق مصرفان من أكبر المصارف في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهما بنك أبوظبي الوطني وبنك الخليج الأول، على الاندماج لإنشاء كيان وطني ومركز قوة مصرفية إقليمي بإجمالي أصول يبلغ 170 مليار دولار.

وفي سلطنة عمان، وصلت المحادثات بين بنك صحار وبنك ظفار بشأن عملية الاندماج بينهما إلى مرحلة متقدمة. ومن المتوقع أيضًا أن تحدث عمليات اندماج في كل قطر.

لكن أود التأكيد هنا على أنه من المهم ألا تؤثر عمليات الدمج المصرفي على حساب المنافسة، ذلك أن المنافسة المصرفية السليمة تعزّز أداء القطاع المصرفي لمهامه، وهذا ما يجب أن تتم مراعاته لدى الأنظمة الرقابية خلال مقاربتها لعمليات الدمج.

* ما حجم القروض المتعثرة في مملكة البحرين؟ وكيف يمكن إيجاد الحلول المناسبة لها؟

- حقيقةً ليس بين يدي تقرير موثوق يرصد مجمل حجم الديون المتعثرة في كل المصارف البحرينية، وما هو متوفر من أرقام هو ما يسمى "مخصصات القروض المتعثرة إلى رأس المال" -أي المبلغ الذي يحتفظ فيه البنك كاحتياط في حال تعثر المقترضين- والذي بلغ 7.4 % في مارس 2016، ونحن نعتقد إن هذا النسبة جيدة، خاصة وأن معلومات متوافرة لدينا عن عدد من البنوك تفيد بأن نسبة التعثر أو عدم القدرة على الالتزام بالسداد لا تتجاوز 4 %، وهي نسبة مقبولة، بل وآمنة ضمن المعايير العالمية.

وجميعنا يعلم أنه منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 بدأت المصارف المركزية في مختلف أنحاء العالم، ومن ضمنها البحرين، بوضع ضوابط كبيرة على عمليات الاقتراض، ومعايير صارمة على كفاية رأس المال بغية التأكد من قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها إذا ما تعرض الاقتصاد إلى هزّة إلى جانب تعزيز إدارة المخاطر، وهو ما يتطلب على البنوك حول العالم زيادة رؤوس أموالها لمواكبة هذه المتطلبات الأكثر صرامة.

* كم العدد الإجمالي للبنوك والمصارف المختلفة في البحرين؟

- بحسب آخر إحصائيات أصدرها مصرف البحرين المركزي، هناك 404 مؤسسات مالية عاملة في القطاع المالي والمصرفي، من بينها 113 مؤسسة تقدم خدمات مصرفية موزعة على 76 بنك جملة، و28 بنك تجزئة، و15 فرعًا لمصارف أجنبية، و8 مكاتب تمثيل.

كما يجب الإشارة هنا إلى أن مجموع مؤسسات التأمين المصرح لها في العمل بالبحرين وصل إلى 152 مؤسسة في سبتمبر 2016، فيما بلغ مجموع أقساط التأمين 723,649 مليون دولار في ديسمبر 2015، إضافة إلى أن القطاع المالي في البحرين يضم أيضًا 51 شركة استثمار، و19 مؤسسة صرافة، ومؤسستي تمويل متناهيتي الصغر، ولا بد أيضًا من الإشارة إلى وجود 2,647 صندوقًا استثماريًّا جماعيًّا بلغت القيمة الصافية لموجوداتها في سبتمبر الماضي 7.48 مليارات دولار.

أخيرًا، أود أن أعرب عن تفاؤلي الكبير بحاضر ومستقبل قطاع المؤسسات المالية في البحرين، خاصة مع حركة التطور الكبيرة التي تشهدها البحرين، لناحية تطور البنية التحتية، والقطاع العقاري، وتوسع قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحجم الاقتراض، فالاقتصاد مبني على ثقة الناس به وإقبالهم على تحريك أموالهم ورغبتهم في الاستهلاك أو الاستثمار.