+A
A-

قطر ستسجل العجز الأول في موازنتها بنسبة -5.0 %

 أشار تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن النمو الاقتصادي القطري واصل تباطؤه نتيجة تأثر القطاع غير النفطي إلى جانب قطاعي النفط والغاز بتراجع أسعار النفط، حيث من المتوقع أنها ستسجل العجز الأول في موازنتها بنسبة -5.0 %.

كما من المتوقع أن يتراجع الإنفاق الحكومي الذي يعد عمود الاقتصاد في العام 2016 للعام الثاني على التوالي، مع مواصلة الحكومة جهود التعزيز المالي ودمج الوزارات وتقليص مشاريع البنية التحتية وخفض الدعوم محليًّا على الوقود والخدمات العامة سعيًا لدعم استقرار العجز المالي، إلا أن السلطات ستحافظ على مستوى الإنفاق من أجل دعم تنمية البنية التحتية والتنويع وتحقيق أهداف الدولة المتمثلة في "رؤية 2030" و"كأس العالم 2022".

كما ستستمر السلطات في تمويل العجز المالي بصفة أساسية من خلال إصدار السندات، ما سيدفع الدين الحكومي إلى نسبة تتخطى 50 % من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أيضًا أن يتسارع نمو الائتمان ونمو الودائع تماشيًا مع تحسّن التوقعات بشأن أسعار النفط للعامين 2017 و2018 بالإضافة إلى تحسن مستوى السيولة.

ولكن يبقى اعتماد البنوك على الودائع الأجنبية أحد أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد على المدى القريب إلى جانب ارتفاع تكاليف القروض.

 

توسع القطاع غير النفطي

وأشار التقرير إلى أن النمو الاقتصادي القطري أصبح قائمًا بصفة أساسية على توسع القطاع غير النفطي بعد استكمال مرافق إنتاج الغاز الطبيعي خلال 2011-2012، وظل إنفاق الحكومة الاستثماري لمشاريع البنية التحتية المحرك الأول للنمو. وقد شهد القطاع غير النفطي نموًّا هائلاً بنسبة 10 %، على أساس سنوي في المتوسط منذ العام 2011، وذلك بدعم من قوة متوسط الزيادات السنوية في كل من قطاع البناء والتصنيع والخدمات المالية والتجارة والسياحة على مدى الخمس سنوات الماضية، الأمر الذي جعل النمو القطري الأقوى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

ورغم تراجع أسعار النفط إلى أقل مستوياتها في العام 2015 إلا أن نمو القطاع غير النفطي شهد اعتدالاً ليصل إلى 8.2 %، بعد أن قلصت الحكومة إنفاقها الرأسمالي بالإضافة إلى المشروعات، لاسيما غير الأساسية منها وغير المتعلقة بأنشطة الفيفا، سعيًا لتشديد قبضة الحكومة على الإنفاق. أما بالنسبة لمشاريع البنية التحتية الحيوية مثل مشروع لوسيل للاستخدام المتعدد (45 مليار دولار)، والسكك الحديدية القطرية المتكاملة (40 مليار دولار)، وبرنامج هيئة الأشغال لتطوير الطرق وشبكات الصرف الصحي (14.6 مليار دولار)، وميناء حمد الجديد (7.4 مليارات دولار)، فتعد كلها جزءًا لا يتجزأ من خطة التنمية القطرية بقيمة 200 مليار دولار، لذا لم يتم الاستغناء عنها. وسوف تبلغ ممارسات تقليص الإنفاق ذروتها خلال العام 2016 قبل أن ترخي الحكومة قبضتها إلى حد ما خلال الفترة ما بين 2017-2018 تماشيًا مع توقعات استعادة أسعار النفط.

 

ضبط الأوضاع المالية

وساهم التراجع الحاد في أسعار النفط والغاز منذ العام 2014 (بمتوسط -30 % على أساس سنوي) في تحفيز الحكومة لضبط الأوضاع المالية العامة، إلا أن تلك الجهود لن تكون كافية لمنع تسجيل أول عجز مالي قطري بما يعادل -5.0 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016. 

ولكن استطاعت الحكومة رغم ذلك تقليص النفقات من خلال مجموعة من المعايير في عدد من الوزارات كما قامت بإنهاء خدمات بعض الوافدين وتجميد رواتب القطاع العام، كما تم تقليص الدعوم على الوقود والماء والكهرباء، وتخفيض مشروعات البنية التحتية غير الأساسية أو حتى تأجيلها كليًّا. 

ووفقًا لمجلة مييد للمشروعات، فإن قيمة المشروعات التي تم إسنادها خلال العام 2016 قد تراجعت بنسبة 53 %، من 29.8 مليار دولار في العام 2015 إلى 13.9 مليار دولار في العام 2016.

وسعت الحكومة نحو تحويل أعباء تمويل العجز بعيدًا عن الاحتياطيات الأجنبية والتوجّه نحو أسواق الدين عوضًا عن ذلك، حيث تمكنت من تجميع حوالي 13.7 مليار دولار في العام 2016. وقد بلغ أكبر إصدار سيادي للسندات العالمية  صدر في شهر مايو ما قيمته 9 مليارات دولار، ينقسم إلى ثلاثة شرائح بالدولار الأميركي. كما تم إصدار سندات سيادية محلية وصكوك بقيمة 4.7 مليارات دولار، إلى جانب قرض مشترك بقيمة 5.0 مليارات دولار في بداية العام، وقد عملت تلك الموارد المتدفقة إلى أسواق الدين على مساعدة قطر في تمويل وضح السيولة في النظام المصرفي، والذي كان في أمس الحاجة إليها.

 

احتياطات النقد الأجنبي تراجعت

وعلى الرغم من ارتفاع إصدارات الدين إلا أن احتياطيات النقد الأجنبي للدولة استمرت في التراجع. فمنذ بداية العام 2016 حتى شهر أكتوبر، تراجع صافي احتياطي النقد الأجنبي بواقع 2.7 مليار دولار، حيث بلغ 34.1 مليار دولار. ويقدر أن توفر تلك الاحتياطات غطاءً للاستيراد لمدة تعادل 6 - 7 أشهر، وهي ضعف فترة الثلاثة أشهر وفقًا لتوصيات صندوق النقد الدولي لأنظمة أسعار الصرف الثابتة.

كما يتوقع أن يرتفع إجمالي الدين الحكومي (محليًّا وخارجيًّا) من نسبة 60 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى نسبة 68.6 % من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام 2018.

إلا أن المخزون المالي يبدو كافيًا في الوقت الحالي، على اعتبار أن الحكومة بمقدورها أن تسحب أيضًا حوالي 335 مليار دولار من الأصول المدارة لجهاز قطر للاستثمار، وهو الصندوق السيادي للدولة.