العدد 3020
الجمعة 20 يناير 2017
banner
في الحرية (6)
الجمعة 20 يناير 2017

إشكالية أخرى تتمثل في أنه أحيانا يتم انتهاك الحرية الفردية بالحرية ذاتها أو باسم الحرية التي يسعى إليها الإنسان، وتقيد حرية هذا الإنسان بسبب حرية جهة أخرى أو إنسان آخر، فعندما تمر الأمة بحالة من عدم الاستقرار على سبيل المثال، ويكون فيها الجانب الأمني معرضا للقلاقل والأخطار، عندها يكون الإنسان أو يوضع في موضع خيار بين أمنه الذاتي وحريته الفردية أو الشخصية، بين الاستقرار الذي يبسطه الأمن والاستقرار والخوف الذي يعتقد أنه مرتبط بالحرية التي يستغلها الآخرون في هذا الوضع غير المستقر، ويميل حينها الكثير من البشر للتخلي عن جانب من حريتهم في سبيل الأمن المفقود كما يوحى إليهم في اعتقاد خاطئ ان ذلك سيكون لفترة مؤقتة، وتتكفل بعض الأجهزة التابعة لبعض الأنظمة بالتحكم في حريات الأفراد، بل تحويل المجتمع من مجتمع يمكن أن يسير في الحالة الديمقراطية، إلى مجتمع يسير في الاتجاه المعاكس، وتنكمش الحرية الفردية الإنسانية ويهيمن على المجتمع نوع من الحالة الديكتاتورية بموافقة شعبية يمكن أن يحصل عليها النظام حتى عن طريق الاستفتاء الشعبي الذي لا يعبر في الكثير من الحالات عن توجه المجتمع الحقيقي، بل هو مقيد بحالة يمر بها المجتمع تغيب فيها الحقيقة ويعيش فيها الإنسان في نوع من غسيل الدماغ الذي مورس بحقه والذي يمكن أن يدفع به للموافقة على ما يضره ولا ينفعه، وعندما يستفيق يكون الأوان قد فات وعليه أن يناضل من جديد من اجل حريته المفقودة، حيث ساهم هو نفسه في التخلي عنها ووأدها. ثم ان هناك من يمارس حريته بطريقة يمكن أن تسيء للآخرين أو تخلق نوعا من الخوف في نفوس الغير على المستقبل فتدفع بذلك الآخر الذي تم زرع الخوف بداخله إلى مقاومة تلك الأفعال عن طريق الحد منها بتقليص مساحة الحرية المتاحة له طوعا وليس كرها، وهنا كذلك تستغل الأنظمة هذه الحالة لتكريس التقليص في الحرية الفردية ويكون السبب في ذلك هو من مارس حريته بطريقة بعيدة عن الحرية ذاتها، طريقة جعلته يظن أن حريته مفتوحة وتتجاوز حرية الآخرين وأن له الحق في فعل ما يريد بعيدا عن حاجة المجتمع وحرية أفراده. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .