العدد 3026
الخميس 26 يناير 2017
banner
يا أيها “الديوان” أفتنا في ما نحن فيه مختلفون
الخميس 26 يناير 2017

قبل مدة أرسل لي اثنان من الزملاء الموظفين رسالة نصية يستأذنان فيها الانصراف من الدوام لبعض الوقت لحضور واجب العزاء لمدة ساعة ومن ثم سيعودان، فكان ردّي أن وقت الدوام للدوام، إنه وقت عمل وإنتاج، ووقت تعاقدنا فيه مع المؤسسة على أن نعطيها هذا الوقت من يومنا، بل من حياتنا أيضاً، وأننا وقّعنا هذه العقود راضين، وبكامل قوانا العقلية، ومن دون ضغط ولا إكراه، وعليه نستلم رواتبنا آخر الشهر، من دون منّة من أحد ولا تفضل، فهذا لقاء ذاك، فإذا أردنا أن نختصر من وقت العمل، فلنقبل أن تختصر المؤسسة من الراتب أيضاً، حتى نكون متساوين، فيمكن أداء واجب العزاء في خارج أوقات العمل، وفي الأمر سعة.

لم يمهلن الزمليان وقتاً طويلاً قبل أن يأتي ردهما عبر البريد الإلكتروني بأننا كثيراً ما ذهبنا إلى الفواتح ومجالس العزاء لنرى الكثير من المسؤولين متواجدين هناك، بمختلف درجاتهم، يمضون من مكان إلى آخر، كل ما يفعلونه معذور، ومبرر، وله مخارج، إلا الموظف الصغير فعليه أن يُقيّد بالكرسي للساعات الثماني لا يمكنه الخروج أو التحرك من مكان إلى آخر، ولا يمكنه المضي في بعض المشاوير التي لها طابع الواجب وليست أمراً شديد الخصوصية لكي يقوم به في أوقات فراغه. إذا كان المسؤولون هم قدوتنا، وهم من عليهم ضرب الأمثال في الالتزام بالعمل وساعاته، فلم نراهم في المناسبات والمؤتمرات يملأون كراسي الصفوف الأولى، في أمور متعددة لا شأن لهم بها، وافتتاحات لمعارض أو مؤتمرات لا تتعلق بأشغالهم ولا تتقاطع معها؟ الفرق بين الاثنين أن المسؤول غير مطالب بالبصمة في ذهابه وإيابه، فلا هو محاسب على الساعات الثماني، بينما الموظفون من طبقة البصمات فهم يعاملون كالمتهمين، يجري التدقيق في بصماتهم شهرياً لمعرفة كم دقيقة تأخر هذا الموظف، وكم يجب أن يستقطع منه من الدنانير، مع الفارق بأن المسؤول الكبير يُدفع له راتب كبير، وقيمة ساعة العمل لديه عالية، لكي يقضي جانباً من النهار (وقت الدوام) في المجاملات الاجتماعية. بينما الموظف الصغير، صاحب الأجر المتواضع في ساعات عمله تجري ملاحقته بكل دقة.

لم تكن تلك رسالتي حرفياً، ولم يكن هذا ردّ الزميلين حرفياً أيضاً، ولكن الرسالتين تحملان المعاني ذاتها، وهذا ما يجعلني أتوجه إلى ديوان الخدمة المدنية متسائلاً عن جانب مهم من ردّ الزميلين لأستفتيهم: هل كلما علا المركز الوظيفي للفرد بات يحق له ما لا يحق لغيره؟ كيف يمكن تبرير تواجد كبار الموظفين، على اختلاف مراكزهم الوظيفية، في مناسبات نهارية، ولا يحق للموظفين الآخرين أن يحضروها أو يحضروا مثلها إن أرادوا، إذ القانون يجب أن يطبق على الجميع، ولا توجد في القانون مواد (بحسب ما أعلم) تجيز لهذا ولا تجيز لذاك.. لذا اختصرت الموضوع مع الزميلين، ومارست دور الأب الشرقي بأن عليهما الانصياع من غير سؤال!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .