العدد 3030
الإثنين 30 يناير 2017
banner
من رونالد إلى دونالد
الإثنين 30 يناير 2017

على العالم أن يهيئ نفسه لأن يصحو يومياً على واحدة من مفاجآت الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب التي تظهر – حتى الآن – أننا جميعاً أمام عاصفة هوجاء، لا تبقي ولا تذر، أو إعصار فيه نار، آتٍ من وراء الأطلسي. كنا نعتقد أن ما سبق أن طرحه في حملته الانتخابية تجاه المسلمين من جهة والمكسيكيين من جهة مجرد “تهويشات” لتحميس الناخبين الأميركيين، ولكن من الواضح أنه يسعى اليوم إلى التطبيق، فما الذي يمكن انتظاره أكثر من هذا؟

ففي الوقت الذي اعتقدنا فيه أن القرارات الهوجاء قاصرة على الدول التي لا تتمتع بالتركيبة المؤسساتية، بما يجعل القرارات تخرج عفوية ومن دون دراسة لعواقبها، وبقصر نظر كبير، ونوع من الانفعالية؛ فإننا نشهد اليوم هذا الأمر وقد أحياه ترامب، على الرغم من الانتقادات الداخلية، وعلى الرغم من وجود مجلسي الشيوخ والنواب؛ إلا أن للرؤساء الأميركيين كغيرهم من الحكّام صبغة تصطبغ بها مرحلتهم، كالنمو في عهد كلنتون، والحروب في عهد “البوشين” الأب وابنه، والضبابية في عهد أوباما، وهكذا. فهل ستردع المؤسسات الدستورية الرئيس الجديد عن التصرف بالولايات المتحدة، وبالتالي في علاقاتها المتغلغلة في العالم بأسره، كما يتصرف في بعض أملاكه الخاصة، أمراً ونهياً، أم أنه سيعي أنه على رأس القاطرة التي تقود العالم، أحببنا أم لم نحب؟!

لا أقدر على الركون إلى ما تناقلته وكالات الأنباء بعد انتهاء الانتخابات بفوز ترامب، بأن الشعب الأميركي صحا بعد ليلة الانتخابات المحمومة ليتساءل مأخوذاً: يا إلهي... ما الذي فعلته البارحة؟ وهو السؤال الذي طالما سمعناه في الأفلام الأميركية، ذلك لأنني أميل – وإلى الآن لا أدري لماذا – إلى أن الشعب الأميركي يجد في ترامب الجموح والقوة التي افتقدها في السنوات الثماني الماضية من عمر التردد الأوبامي، وازدياد سطوع نجوم أخرى في الآفاق، واستعادة روسيا سريعاً مكانة ما كانت لتحوزها لولا الانسحاب الأميركي من معظم الساحات السياسية، ناهيك عن استلام أوباما الحكم في عنفوان الأزمة المالية العالمية، التي كانت الولايات المتحدة بؤرتها، والآمال العظيمة، أميركياً وعالمياً، على وصول أول أميركي من أصول إفريقية إلى سدّة الحكم، كلها عوامل من شأنها أن تدفع الأميركيين في أحضان من يعيد إليه هيبته و”كاوبويّته”، كما فعل من ذي قبل رونالد ريغان الذي اسلتم الحكم بعد سنوات كارتر المتسمة بالهدوء وعدم الإثارة، وانتهائها بأزمة الرهائن في طهران، فكان يتطلع إلى من يعيد نفخ البالون الأميركي، والأمجاد التي علاها الغبار في السنوات الماضية. وإذا ما وعى ترامب إلى هذه الحاجة فإنه سيزيد من عزفه على هذا الوتر مهما كان الثمن.

ترامب ليس وحده، فالأحزاب اليمينية في أوروبا تناوش السلطة، خسرت هذه الجولات نعم، ولكنها في صعود متوالٍ وصفوفها تتراصّ من أجل النكوص على أغلب ما تحقق واعتبرناه أنموذجاً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .