العدد 3031
الثلاثاء 31 يناير 2017
banner
المواصلات تستوعب الدرس
الثلاثاء 31 يناير 2017

نعرف ونعي جيدا أننا نسير على طريق الرأسمالية والاقتصاد المفتوح على مصاريعه البعيد عن الإنسانية في كل صورها وأشكالها، ويبدو أن الكثير من الهيئات الحكومية تستوعب الدرس جيدا، ويود القائمون عليها تبوء مراكز متقدمة في هذا المجال والظهور بالصورة المطلوبة، وآخر هذه الهيئات ما سمعناه من وزير المواصلات في ما يطلق عليه مجلس النواب (بالمناسبة فإن الاسم يذكرني بأحد ممثلي الشعب بمجلس الشعب المصري من المناضلين والمدافعين عن الإنسان الذي تزعم مؤخرا عملية طرد عضو المجلس “عكاشة” بعد لقائه السفير الصهيوني هناك).

الوزير صرح – كما ورد في الصحف وفهمناه - أن رخص سيارات الأجرة من الآن وصاعدا ستقتصر على الشركات والمؤسسات والأفراد الذين يملكونها حاليا، بمعنى أنه بمجرد ذهاب المالكين الحاليين أو عجزهم أو تقاعدهم فلن يكون هناك أفراد يملكون هذه الرخصة وستتحول إلى الشركات والمؤسسات فقط، وهو ما يعني بوضوح أن الوزارة في هذا المجال تتجه إلى أصحاب رؤوس الأموال وتسهل زيادتهم لها وتبتعد عن الأفراد وتضيق عليهم. ففي المستقبل والأيام القادمة لن يتم منح ترخيص مزاولة هذه المهنة التي اقتصرت سنوات طويلة على المواطنين الذين يعيشون عليها وعلى الدخل القادم منها وسيكون العمل فيها فقط لمن يملك المال ويستجلب عمالة أجنبية لتزداد أكثر مما هي عليه الآن، فالمواطن لا يهم هنا، إلا إن كان يملك المال الذي يؤهله لينضم إلى قائمة الرأسماليين، أما المواطن العادي الكادح الذي يسعى لقوت يومه فلا مجال له ولا موقع بعد أن تم تخصيص الكثير من الأنشطة المختلفة وتحويلها لمؤسسات خاصة بعيدة عن قدرة الأفراد لمزاولتها أو الانخراط فيها. هذا ما أسميناه سابقا وسائل تفتيت الطبقة الوسطى وتقسيم المجتمع إلى طبقة رأس المال وطبقة الفقراء، حيث يتم التقاط هذه الطبقة ومكوناتها شيئا فشيئا وإنزالها من مستواها الاجتماعي إلى مستوى أدنى منه وتركيز المال في يد طبقة صغيرة ومحدودة وتوسيع الفارق بين الطبقتين ليتحول الشعب في غالبيته مستقبلا إلى بائع لقراره ومستقبله لطبقة الأغنياء وعامل لديها وتتحكم طبقة الرأسماليين في مفاصل الدولة وقرارها أكثر مما هي عليه الآن.

يمكن أن تكون فئة مالكي رخص سيارات الأجرة محدودة وربما تكون غير قادرة على الدفاع عن الذات كون القرار لا يؤثر في شخوصها وبالتالي لن تتبارى لمناهضته، كما أنه لن تمارس أية جهة الدفاع عنها، إلا أن الأمر يمس مباشرة التركيبة الاجتماعية التي تعاني من خلل مزمن وتصب في التأثير على الاستقرار المجتمعي الذي يعاني أصلا منذ سنوات... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .