العدد 3032
الأربعاء 01 فبراير 2017
banner
الصحة في الطريق
الأربعاء 01 فبراير 2017

يرى كثيرون، وهم على حق، أن هناك أمرين مرتبطين بالإنسان يجب ألا يتم المساس بهما، صحته وتعليمه، بمعنى أن الصحة والتعليم يجب أن يتم توفيرهما من قبل الدولة التي تكون مسؤولة عنهما وعن تطويرهما بعيدا عن الخصخصة ورأس المال وهما عنصران قريبان أو لصيقان بالمصلحة الخاصة والربح المادي بعيدان عن وضع المواطن الاجتماعي.

وتم البدء عندنا بالجانب التعليمي وفتح الباب واسعا للقطاع الخاص للدخول فيه وتجاهل التعليم العام كوسيلة من أجل دفع المواطن للتوجه إلى التعليم الخاص طلبا للتفوق، لذلك نرى في السنوات الأخيرة نقدا كبيرا لقطاع التعليم العام حتى من قبل بعض العاملين فيه من الذين يحملون فكرا إنسانيا ويرون الطريق الذي يسير فيه التعليم العام وكيف انحدر مستواه، إلا انه مع ذلك لم يتم – حتى الآن – المساس بحق المواطن في الحصول على التعليم الأساسي المجاني الذي مازال مجانيا وإلزاميا، ومع ذلك فإننا نعتقد أن هذا التعليم في طريقه للتحول إلى سلعة تجارية في المستقبل لتنتهي المجانية.

إلا أن ما نراه واضحا جليا في الوقت الحالي أن الدولة تتجه للمساس مباشرة بقطاع الصحة وتعمل على دفعه دفعا حثيثا للخصخصة بطرق وكلمات مبهمة غير واضحة حتى لأعضاء المجلس النيابي الذين من المفترض أن يعرض عليهم أو ربما عرض القانون الخاص بذلك عليهم لإقراره، ولو تم إقراره – لا سمح الله – سيؤدي في السنوات القادمة إلى عجز المواطن عن الحصول على حقه في الرعاية الصحية المناسبة، إلا إن كان قادرا على الدفع، بمعنى أن الغالبية العظمى من المواطنين ستكون بعيدة عن الحصول على هذه الرعاية ما لم تكن تملك المال الفائض عن الحاجات الأساسية للحياة اليومية، وهو أمر بعيد في ظل ما نراه قادما في الأيام القادمة، وهذا أمر يتناقض مع ما ورد في الدستور من نص يفيد بالتزام الدولة بتوفير هذا الجانب.

لن نتطرق للقانون في هذه الزاوية حيث هو تحت القبة حاليا، ونحن على يقين بوجود من سيهرول للموافقة عليه من بعض النواب حتى في وجود من سيعارضه من الذين يحملون فكرا إنسانيا ويفهمون ما يجري، ولكن في عجالة نقول إن الدولة عندنا تسير بخطى حثيثة، بل تجري سريعا، نحو الرأسمالية المفتوحة والمتوحشة ظنا منها أنها تساير العصر، بالرغم من أن الكثير من الدول القديمة رأسماليا تتخلى عن الكثير من مبادئ ذلك الفكر المادي اللاإنساني وتتحول إلى الفكر أو التطبيق الاجتماعي خصوصا في ما يتعلق بالمواطن الإنسان لديها، كون ذلك المواطن يملك دورا أساسيا ومحوريا في صناعة وتوجيه السياسة هناك... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية