العدد 3037
الإثنين 06 فبراير 2017
banner
“حياة كل إنسان تساوي واحدا صحيحا”
الإثنين 06 فبراير 2017

“حياة كل إنسان تساوي واحدا صحيحا” مقولة لا أنساها أبداً كلما هاجمني الضعف الإنساني وتلبدت سمائي بالغيوم، فهي عبارة تكبح النفس البشرية الساعية دوماً للمزيد، الناظرة إلى ما في أيدي الناس، التي لا تشبع مهما أوتيت من مال ومكانة، وصدق رسول الله الذي قال “لو كان لابن آدم جبلان من ذهب لتمنى الثالث”. فصاحب المليار يريد مليارين، وصاحب المليارين يريد أربعة، من لم يرزقه الله بالذرية يقول لو أن الله أعطاني ولدا حتى وإن كان هذا الولد “مخبولاً” أو فاسداً، ومن لديه الأولاد والبنات قد لا يشكر الله على هذه النعمة.

الشعور بالنقص دوماً سمة إنسانية ثابتة لا تتغير أبداً، فقد تكون للإنسان أمنية أو حلمٌ يسعى لتحقيقه في مرحلة ما، فما إن يتحقق هذا الحلم حتى ينتاب النفس إحساس جديد بالنقص الذي يتمثل في رغبة أو حلم جديد تسعى إلى تحقيقه. هذا الرجل الفقير الذي يتناول طعاماً بسيطاً ويلبس ثياباً بسيطة له صحة وبنيان جسدي يتمناه القادة العسكريون، إذا مرض يشفيه قرص من الأسبرين أو بصلة تقتل ما أصابه من ميكروبات، وإذا آوى إلى فراشه ينام نوماً لا تقدر على فعله كل مهدئات العالم.

هذا الرجل ذو المنصب الكبير، ذو المال الوفير، والذرية الناجحة، الوجيه الذي يبتسم له الجميع، عندما يحاول أن يعيش اللحظة التي يعيشها ذلك الفقير، يعود مهزوماً كالملك المغلوب حسب تعبير الشاعر الكبير نزار قباني. هو غني ويستطيع حسب تعبير نزار أيضاً أن يعشق كل نساء الأرض ولكن دون جدوى. هذه المرأة مديرة ذات مكانة واحترام ويخشاها مرؤوسوها ويحرصون على إرضائها، ولكن كل هذا الخضوع الذي يقدمه لها هؤلاء المتملقون لا يساوي ربع لحظة يمكنها أن تحلق فيها في آفاق المتعة التي حرمت منها، ربما لأن ليس لها شريك حياة من الأساس.

كل هذه الأمثلة تؤكد شيئاً واحداً هو أن الإنسان لا يستطيع أبداً أن يحصل على كل شيء، فلابد أن يكون هناك نقص يسعى دوماً إلى إكماله، والسعي إلى إكمال النقص ليس شيئا معيبا، لأنه يجعل الإنسان يستمر في الحياة ويمارسها، ولكن الشيء الضار الذي يدمر الإنسان هو عدم الرضا بالحالة التي هو عليها بما فيها من نقص حتمي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية