+A
A-

أردوغان: التصدي للقومية الفارسية بسوريا والعراق

أعلن رئيس الجمهورية التركية رجب طيب اردوغان وجوب التصدي للقومية الفارسية في العراق وسوريا، مؤكدًا رفضه لتوجهات البعض لتقسيم سوريا والعراق.

وأكد الرئيس أن بلاده تقف مع مملكة البحرين في محاربتها للإرهاب ومساعي تحقيق الأمن والأمان.

جاء ذلك في كلمته بالندوة التي نظمها المعهد الدولي للسلام في للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي ناقش فيها “رؤية تركيا للسلام في الشرق الأوسط”.

وأشاد اردوغان بالدور الرسمي البحريني في دعم تركيا في محاولة الانقلاب الفاشلة التي تمت في منتصف شهر يوليو 2016.

وقال في مطلع كلمته “أنا سعيد بالمناسبة التي أقوم بها حاليًا بزيارة لؤلؤة الخليج البحرين وأتقدم بجزيل الشكر إلى مملكة البحرين وأخي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لقد حظيت باحترام واستقبال كبيرين”.

ولفت إلى أن ما يجمع تركيا بالبحرين علاقة قوية، متمنيًا أن يعم الخير والأمن والأمان للبحرين والازدهار والاستقرار، مشيرًا إلى أن تركيا تقف لجانب البحرين في مكافحة الإرهاب.

وبين أن “البحرين من أكبر الدول التي دعمت تركيا لمكافحة الإرهاب خصوصًا في فترة الانقلاب، إذ كان الشعب البحريني واقفا معنا يتابع التطورات التي استمرت حتى الساعة الخامسة صباحًا، وكان هذا الشعب الوفي يطلب من الله العون والمدد بالتوفيق لنا”.

وتابع “قام أخي جلالة الملك أبو سلمان بزيارتنا بعد أن انقضت المحنة، وأنا أشكر جلالته وأشكر شعب البحرين الذي وقف أمام الله في تلك الليلة بالتضرع لنا حتى نتخلص من المحنة التي ألمت بنا، وبإذن الله يستمر الدعم بيننا وعلاقتنا إلى مزيد من التطور على جميع الأصعدة ولاسيما الصعيد الصناعي والعسكري والتجاري والثقافي”.

وذكر أن زيارته للبحرين دليل على قوة العلاقة بين البلدين تلك العلاقة التي قطعت شوطًا كبيرًا جدًا في التقارب. 

وقال اردوغان “نحن نعيش في صراعات كبيرة ومدمرة، ومن الواجب الوقوف بثبات من أجل حل مشاكل المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار، فلا وطن لنا غير أوطاننا، لذلك لا يمكن أن نتهاون أمام هذه المرحلة الحرجة التي تستدعي العمل الجاد والمخلص”.

وأشار اردوغان إلى أن العالم الإسلامي اليوم يمر بمخاض عسير واختبار صعب، فبعد أن كان مقراً ومنبعاً للسلام في العالم، أصبح اليوم يقترن بالحروب والدمار والقتل والتشريد؛ فأطفال سوريا لم يعد باستطاعتهم رؤية ألوان السماء الزرقاء بعد أن امتلأت سماؤهم بالطائرات والبراميل المتفجرة، وتحولت سوريا من أحد أهم المراكز الحضارية إلى خراب ودموع ودماء”.

وأضاف “تلك الأماكن الحضارية أصبحت تخضع لتصميم جديد عماده الدماء التي تسيل من الأبرياء، وللأسف أصبح المسلمون متشتتين بالتفريق والتمزيق الطائفي حيث يلحقون الضرر ببعضهم بعضا، وهذا للأسف حوّل مناطق كثيرة مناطق آمنة إلى مناطق حروب ومعاناة”.

وأشار إلى أن “العالم دخل في حالة من عدم المبالاة، وثمة دول يجب أن تتحمل المسؤولية إلا أنها تكتفي بدموع التماسيح”، متسائلا: “ما الجهود التي بذلت لوقف الدماء؟ للأسف لا نجد أجوبة مطمئنة على هذه الأسئلة”.

وتابع “يجب ألا نكتفي بالمحافظة على الأمن والأمان ببلداننا فقط، إذ آن الأوان للتوحد والعمل المشترك في العالم الإسلامي، فليس من المعقول أن هناك دولة تركز على رفاهيتها الذاتية، في حين أن دولة مجاورة لها تواجه ألمًا وعدم استقرار ومعاناة كبيرة”.

 

الشأن السوري

وفي الشأن السوري أشار الرئيس التركي إلى أن الحدود بين البلدين تصل إلى 911 كيلومترا، ولهذا فإن تأثير الأحداث في سوريا كبير وواضح على الداخل التركي، لذلك عملت تركيا على القيام بمبادرات؛ من أجل حل الأزمة السورية، كذلك الأمر في العراق، فالتطورات في هاتين الدولتين قيد المتابعة من قبل تركيا؛ لأنها تهدد أمن المنطقة والعالم أجمع.

وذكر “نحن قدمنا الكثير من أجل وقف إطلاق النار في سوريا ونريد أن تكون سوريا موحدة تضم كل المكونات وفي هذا الإطار تأتي مبادراتنا على الصعيد الدولي عبر عملية أطلقنا عليها درع الفرات وقمنا بمحاربة المنظمات الإرهابية، بدأنا من حدودنا ودخلنا جرابلس والراعي والآن نريد تطهير الباب من الإرهاب وبعدها نريد التوجه للرقة ومنبج”.

وأردف قائلا “حررنا 2000 كيلو متر، وأصبحت هذه المنطقة ساحة آمنة ونريدها أن تكون أكثر أمان تنعم بالأمن والأمل، ونريد أن نصل إلى 5000 كيلو متر مربع، ولتحقيق هذه الإنجازات قدمنا شهداء وتضحيات جسام، لكننا ولله الحمد قضينا على 3000 من عناصر (داعش)”.

ونوه إلى أن “(داعش) ليس لهم علاقة بالإسلام بل هي منظمة إرهابية قامت بقتل الأبرياء والأطفال والنساء، ونريد أن نقول إنه لا يمكن أن نصف المسلمين والإسلام بالإرهاب”.

وأوضح “إننا جميعًا مسلمون، أي ننتمي إلى الدين الإسلامي ومن عهد الرسول (ص) إلى الآن نحن ممثلون للأمن والأمان والسلم ولا يمكن لصق الإرهاب بالإسلام، كانت صفة الرسول (الأمين) ولا أحد كان يشك في أمنه والآن ثمة من يريد لصق الإرهاب بالإسلام”.

واسترسل قائلا “لا يمكن أن يكون هنالك مستقبل للإرهابيين في سوريا، وأي منطقة في العالم، نحن نعمل حاليًا في سوريا من أجل تخصيص مناطق آمنة خالية من الإرهاب وفيها حظر للطيران، وقلت هذا الأمر للأميركان وقوات التحالف ولكن لم نجد منهم آذان صاغية، يجب بعد تأسيس هذه المنطقة أن نؤسس جيشا وقوات أمن لحماية هذه المنطقة ومساعينا مستمرة في هذا الأمر”.

وأشار إلى أنه طرح مسألة المنطقة الآمنة على ترامب، وقال له نحن نريد مشاريع بناء في هذه المناطق لإيواء اللاجئين، ودول الخليج تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة نحو دعم عمليات البناء في هذه المنطقة إذا تمت.

وناشد اردوغان دول مجلس التعاون الخليجي تحمل المسؤولية، مؤكدًا أنه في حال تخلي أي من الدول عن تحمل هذه المسؤولية سيكون هنالك مزيد من الهجرة والمزيد من المشاهد المؤلمة.

وقال “نحن نتألم للمشاهد التي نراها في سوريا وتلك التي تخص المهجرين وموتهم على السواحل، إن الأسد مجرم قاتل قتل نحو مليون شخص بالدبابات والنار وبراميل الموت التي تنصب فوق رؤوس الأبرياء من السماء، ولا يزال مستمرا في جريمته، والرضا عن الظلم هو ظلم بعينه إما أن نتدخل بيدنا أو بلساننا أو بقلوبنا”.

وكشف اردوغان عن أن “تركيا تستضيف 2.8 مليون لاجئ سوري و300 ألف لاجئ عراقي، وأنفقنا لحد الآن 25 مليار دولار على هؤلاء، والاتحاد الأوروبي قال إنه سيساعدنا بدعم قدره 2 مليار دولار إلا أنه دفع لحد الآن 725 مليون دولار فقط، وتسلمنا أيضًا 550 مليون دولار من الأمم المتحدة، ونحن نجد صعوبة في تغطية هذه النفقات ولكن لن نتوقف في إيواء هؤلاء، بل سنقوم بتجنيس بعضهم”.

 

القضية الفلسطينية

أما ما يخص القضية الفلسطينية فأكد الرئيس اردوغان أن هذه القضية أصبحت جرحا عميقا في قلوبنا، موضحًا أن الفلسطينيين أصبحوا مشردين من دون وطن يأويهم، وهذا أمر غير مقبول.

وأكد أن تركيا سوف تتحرك بكل الاتجاه وبإمكاناتها كافة للوقوف مع الفلسطينيين ودعم قضيتهم المحقة، مشيرًا إلى أن تركيا تسعى إلى تأسيس دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وقلت ذلك لأوباما وترامب.

ونوه إلى أن فلسطين يجب ألا تكون مسرحًا لجرح قلوب المسلمين، وأن الأعمال التصعيدية في فلسطين تساهم في تصعيد التوتر، وأن عملية الاستيطان مدانة ويجب ألا تستمر من أجل إحلال السلام في المنطقة.

وقال “بدأنا بتطوير علاقاتنا مع إسرائيل وكان هذا التطوير مشروطا، ونحن بهذا الأمر نريد أن نساهم في حل القضية الفلسطينية، وبدأنا فعلا، إذ أرسلت سفينتان محملتان بالمساعدات المختلفة إلى غزة، ونحو على وشك الانتهاء من بناء مستشفى الصداقة في غزة ويتسع إلى 200 سرير”.

 

الموضوع الليبي

وعن الموضوع الليبي، أكد الرئيس اردوغان أن “الاتفاقية السياسية التي وقعت في 2015 هي فرصة سانحة لفتح فرصة جديدة لحل الأزمة في ليبيا، ونتمنى أن يحلوا مشاكلهم في إطار سلمي”.

 

اليمن

وبخصوص اليمن قال “نريد أن تعطى الفرصة لتأسيس نظام دستوري في اليمن، ولكن للأسف ما من قضية تمس المنطقة إلا نجد فيها الإرهاب، واليمن يراد له جهود دولية وذلك بتجفيف منابع الإرهاب ومحاربته، ونحن في تركيا أيضًا خرجت علينا منظمة إرهابية جديدة وهي منظمة قولان الإرهابية التي كانت السبب في استشهاد 240 مواطنا تركيا في محاولة الانقلاب الفاشلة”.

ووجه الرئيس الشكر إلى البحرين في وقوفها مع تركيا لمحاربة الإرهاب القولاني.

ولفت إلى وجوب محاربة جميع المنظمات الإرهابية دون التفرقة من دونها وعدم لصق الإرهاب بالإسلام من قبل بعد الدول، مشيرًا إلى أنه لابد من تطوير سياسات شاملة على أساس الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة.

وأشار إلى أن هناك من يخطط لتقسيم سوريا والعراق وهنالك من يخطط ويضع المخططات والخطوات من أجل ذلك، مؤكدًا وجوب الوقوف أمام هذه الدعوات والتصدي لها.