العدد 3057
الأحد 26 فبراير 2017
banner
التخلص من “القفل”!
الأحد 26 فبراير 2017

عندما يعمل فردان أو أكثر على تحقيق هدف مشترك ينشأ نوع من الروابط يطلق عليه “فريق العمل”، حيث يكون لكل عضو بالفريق دور معين يؤديه في إطار من التكامل والتفاهم تنصهر فيه التخصصات والخبرات والمهارات لإنجاز الهدف المشترك.

نحن في العالم العربي عموما نعاني من التركيز على الفردية على حساب العمل الجماعي، فغالبا ما يسعى الأفراد إلى إبراز أنفسهم على حساب بقية أعضاء الفريق، وربما يكون هذا السلوك الشائع أحد أسباب تأخرنا عن الغرب، الذي ارتقى بمفهوم “العمل بروح الفريق الواحد” إلى درجة تعزز بالفعل القدرة على الإنجاز.

في إحدى المقابلات التلفزيونية، قال عالم الكيمياء المصري الراحل أحمد زويل إنه عندما ابتعث من جامعة الإسكندرية إلى جامعة بنسلفانيا حاول إغلاق الخزانة التي منحتها إياه إدارة الجامعة لوضع أدواته الدراسية، فقال له زملاؤه بالجامعة إن كل الخزائن ليس عليها أقفال، حتى يستطيع كل باحث وطالب علم الاستعانة بأدوات زملائه.

وأضاف زويل، في تلك المقابلة، أنه أدرك حينها أن عليه التخلص من “عقدة القفل”، والانفتاح على بقية زملائه في الفريق البحثي والتعاون معهم بروح الفريق؛ حتى يتمكن من تحقيق ما يسعى إليه. 

وبالفعل، بعد سنوات من الجهد والتعاون المشترك أصبح زويل أول عالم عربي يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء. وبالطبع، لم ينس الفريق الذي اشترك معه في تحقيق هذا الإنجاز، والذي أهداه الجائزة، وكان دائما يذكر أنه لولا جهد كل واحد منهم لما استطاع تحقيق الإنجاز.

يقول الباحثان محمود الزامل وهوف ويلموت في دراسة بعنوان “المساءلة عن العمل الجماعي: دراسة نقدية لمجموعة الأنظمة القائمة على الرقابة التنظيمية”، إن المقدرة على العمل كجزء من فريق أضحت حاجة ماسة لمواجهة متطلبات عالم العمل، وأصبح التعاون بين الأفراد والجماعات من ضرورات الحياة، وأن مقومات النجاح في العمل تشمل مهارات التعامل والتواصل بين أعضاء الفريق الواحد، وإقامة العلاقات الإنسانية الجيدة.

في كل فريق عمل تتباين القدرات الذهنية والمهارات بين فرد وآخر، إلا أن هذه القدرات والمهارات تكمل بعضها بما يسهم في تحقيق الهدف المشترك. 

وعليه لا ينبغي التقليل من دور أي عضو بالفريق، بل على العكس، على المتميز أن يساعد زملاءه في صقل مهاراتهم. وفي كل الأحوال يجب على كل عضو إظهار الاحترام لبقية الأعضاء والاستماع إلى أفكارهم وآرائهم، فإذا ما أدرك كل فرد أن دعم زملائه له سيعينه على تقديم أفضل ما لديه، والعكس صحيح، فسيسعى إلى تهيئة بيئة العمل المناسبة وسيتخلص من القفل الذي لطالما حد من قدرتنا على صنع الإنجازات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية