العدد 3057
الأحد 26 فبراير 2017
banner
بورصة المبادئ مفتوحة
الأحد 26 فبراير 2017

هناك مقولتان مهمتان وفي غاية الخطورة، لا أستغني عنهما في الحفاظ على توازن الحياة والمصير. “سامح عدوك، لكن لا تثق به”، و”عواقب الثقة مخيفة أكثر من عواقب الشك”، هاتان المقولتان إن فكر بهما الإنسان المسؤول عن حياة الآخرين فمن شأنه أن ينقذ أمة كاملة من الدمار، وإن أخفق فيهما المسؤول فقد أخفق في الحفاظ على أمة برمتها، معنى ما أقول أنه قد تسامح خائنا فقدت الثقة فيه وهذا مقبول ويمكن التكيف معه ولكن كيف يمكن أن تثق فيه من جديد؟ كيف تثق في خائن؟ هذا مدمر. عندما عرفت أشخاصاً كانوا في مقدمة قافلة الدفاع عن المبادئ والقيم، بل كانوا في قمة الزعيق والتطبيل للوطنية والثوابت الوطنية بل دافعت عنهم في وجه العدو ثم فجأة تكتشف نفسك أمام عدوهم الذي دافعت عنهم وقد تحالفوا معه وزال بينهم الجدار، هناك صورة شرخت ثقتي في العالم نشرتها الصحف هذا الأسبوع كشفت لي هول فقدان الثقة بالإنسان، “سامح عدوك لكن لا تثق به” مهم جداً تذكر هذه المقولة.

تعجبت من أولئك الذين تحدثوا عن ولائهم للمبادئ الوطنية وفجأة سخروا من هذه المبادئ ومن يتبناها حتى أنك توشك على فقدان الثقة في العالم كله من هول ما شاهدت على الطبيعة وفي الصحف والأخبار من تحولات انقلابية في المواقف وكأنك في سوق بيع المبادئ، وفعلا أصبحنا في عصر من السهل فيه التمييز بين من يبيع المبادئ ومن يشتريها في بورصة مفتوحة للاتجار بها وخصوصا وقت الأزمات ووقت الاستحقاق، هذا المقال كتبته خصيصاً لأولئك الذين يتعاملون في الأسهم الوطنية، فاليوم سهم الوطنية مرتفع لأن هناك حدثاً يتطلب منهم البروز في الواجهة الوطنية لأنها الرابحة وستجلب لهم المال، فيتعاملون مع هذا السهم، ثم فجأة لا تعد الوطنية استثماراً رابحاً فيتحولون إلى العلاقات العامة والترويج لها لأن العلاقات العامة مربحة هذه الأيام، فمن دون العلاقات العامة لن تربح فسوق الوطن أغلق لإشعار آخر، هذا ما رأيته خصوصا هذا الأسبوع من سيرك حقيقي في سوق الثقة المفقودة في البعض ممن يجب أن نحذر ويحذر الوطن من وجودهم على الساحة.

 في سيرك هذا الأسبوع شاهدت العجائب وتفرجت على مهرجان الكذب عندما اختلطت أوراق الجميع في بورصة المبادئ فأصبح العدو صديقا والصديق عدوا، وعاش الوطن وعاشت العلاقات العامة.

تنويرة: 

لكي تقنع الناس بدايةَ بوجهة نظرك قدم نفسك أولاً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .