العدد 3060
الأربعاء 01 مارس 2017
banner
الإنسان هو الوطن والعكس
الأربعاء 01 مارس 2017

عبارة شهيرة قالها  ليو تولستوي”الجميع يفكر في تغيير العالم، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه”، فعلاً الإنسان قبل أن يفكر بالعالم من حوله عليه أولاً أن ينظر لنفسه وكيف هو، قبل أن يفكر في الكون كله، وهذا يقودني للحديث عن الإنسان الذي هو محور الدول والمجتمعات وما هو دوره في بناء نفسه ووطنه معاً، فليس من المعقول أن تطلب من أحدهما أن يستغني عن الآخر، الإنسان والوطن هما عصب البناء والحياة.

حين تريد أن تبني وطناً لابد أن يكون الإنسان من بين خطتك وإلا كل العناصر والعوامل والأساليب الأخرى لن تجدي ما لم يكن الإنسان قاعدة هذا البناء، فالعمارات والأبراج وناطحات السحب والشركات والأموال والأعمال والخطط، كل هذه لا تبني وطناً إذا لم يكن الإنسان فيها سعيداً،  وكل الإمكانات المتوفرة في بناء الوطن قوامها الإنسان وحده القادر على توليف كل هذه العناصر وصهرها في خطة البناء، لا يمكن التأويل على البناء في ظل وجود إنسان منهك ومتعب ويعاني من قلة الاهتمام والاحترام وبالتالي تطالبه بالاشتراك في البناء وأن يكون قاعدة التنمية وهو في الوقت ذاته ضحية لمعاناة إنسانية.

لو نظرنا إلى الدول التي نظن أنها تعيش الرفاهية من أوسع أبوابها لاشك أن أول ما يجب علينا البحث فيه عن أسباب هذا المستوى المرتفع من الرفاهية، ألا وهو الإنسان وكيف هي حياته ومستواه واستقراره في عمله وأمنه وأمن قوت أولاده ورضاه عن مستوى الخدمات التي تقدم له مقابل ولائه لبلاده وترابها بالطبع. ليس من المنطق أن تجعل هذا الإنسان محور اهتمامك من دون أن يكون قلبه على وطنه وولاؤه للوطن قبل كل شيء، فالعلاقة بين الإنسان والوطن علاقة جدلية ذات قواعد تقوم على الارتباط الوثيق بينهما، أنت تعطي للوطن وتضحي من أجله بحياتك كما يفعل اليوم رجال الأمن الشرفاء الذين يدفع بعضهم حياته باستشهاده دفاعاً عن الوطن وربما يكون في وقتها يفكر في قوت أسرته الصغيرة، من هنا لابد أن يكون الإنسان في أي موقع من قطاعات الدولة معززاً مكرماً لا يشعر بالضيم ولا النقص ولا المعاناة، وساعتها خذ منه كل الإمكانيات التي من شأنها أن ترفع من قواعد بناء الوطن، فكلما شعر الإنسان بالعطاء كلما أعطى أكثر من طاقته، فهذا الشعور القوي عند الإنسان وهو يرى نفسه يعيش بكرامة وعزة نفس وحالة مستقرة يصبح محور التنمية وجوهرها، أعطني إنساناً يعيش بكرامة أعطيك كرامة وطن.

تنويرة:

 بعض الأشجار لا تحتاج للري لكي تعيش ولكن لا تتوقع منها ثمرا، كذلك بعض البشر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية