العدد 3065
الإثنين 06 مارس 2017
banner
للاستفادة من مخزون الدراية
الإثنين 06 مارس 2017

 

الدراية أو الـ “Know-how” هي المعرفة العملية بكيفية إنجاز شيء ما، وفي كثير من الأحيان تكون هذه المعرفة ضمنية، أي من الصعب نقلها من شخص إلى آخر كتابيًا أو شفهيًا؛ لأنها تتخطى المعرفة الصريحة بظواهر الأمور لتمنح من يملكها القدرة على تحليل بواطنها، وهي حالة عبر عنها العرب بالمثل الشعبي “أهل مكة أدرى بشعابها”.

من يمتلك هذا النوع من المعرفة في اختصاص ما يكون خبيرا متمرسا في مجال عمله، وتسعى الحكومات والمؤسسات والشركات إلى استقطابه للاستفادة من خبراته التي يقدمها بمقابل يتناسب مع مستوى درايته وندرة تخصصه.

في العقود الأخيرة استقدمت دول الخليج، بفضل ما أنعم به الله عليها من موارد طبيعية، مختصين ومستشارين من أصحاب الخبرات الكبيرة والنادرة من مختلف أنحاء العالم، وأنفقت مبالغ ضخمة لشراء الدراية وتطويعها لخدمة شعوبها وتطوير بناها التحتية ومشاريعها الحيوية.

قطر، وتحديدا في السنوات العشر الأخيرة، حققت نقلات نوعية في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة ومجالات عدة كالتطوير العمراني والمرافق الرياضية والخدمات اللوجيستية والاتصالات والحكومة الإلكترونية وغيرها، وقامت بجلب خبراء على دراية واسعة في تخصصات دقيقة ليساعدوها في تحقيق هذه الطفرة الكبيرة.

يمكن للبحرين ودول الخليج الأخرى الاستفادة من مخزون الدراية القيم الذي كلف قطر الكثير من دون الحاجة إلى تكرار شرائه. وكما أن البحرين لا يمكن أن تبخل بمشاركة أشقائها رصيدها المتراكم من العلم والمعرفة والدراية، فإن قطر وباقي دول الخليج على أتم الاستعداد لفعل الشيء ذاته. 

المسألة لا تحتاج إلى وضع آليات أو تشكيل لجان، إذ بمقدور كل فرد من موقعه، سواء أكان مسؤولا حكوميا أو رائد أعمال أو حتى موظفا عاديا، أن يستحضر الدراية، إما بالمشاهدة والتحليل أو بالمعايشة أو بأي وسيلة اتصال مباشر، وأوجه الاستفادة كثيرة.

الجيد في الأمر أن المؤسسات الحكومية أو الأهلية في أي دولة خليجية لا تتعامل مع نظيراتها في دول المجلس الأخرى من منطلق المنافسة كما تفعل المؤسسات والشركات العالمية التي قد يدفعها التنافس الشرس فيما بينها إلى التجسس الصناعي، بل تعتبرها أعضاء مكملة لجسم خليجي واحد.

وتزكي هذه الفكرة توجيهات قادة دول الخليج، التي تصب جميعها في اتجاه تعزيز التعاون والتكامل في المجالات كافة، وهو ما يجعل الوضع مهيأ تمامًا لمشاركة الدراية؛ حتى تعم الفائدة على الجميع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .