مازال الكثيرون تواقين لمعرفة حقيقة ما أطلق عليه “تنظيم الدولة الإسلامية” أو “داعش” كما هو متعارف عليه في القنوات الإخبارية، فكل الأخبار التي ترد عن هذا التنظيم تأتي من جهة واحدة هي الجهة المناهضة له، ومع ذلك فتلك الأخبار نجدها مبتورة وغير موثقة ودون أي دليل على صحتها، وهو ما يعني أننا أمام أمر يراد له أن يكون لغزا، ما السبب؟ الله أعلم، فالأسباب يمكن أن تكون كثيرة وعلى رأسها تأتي الدواعي المخابراتية التي تحكمها مصالح المستفيدين من وجود هذا التنظيم أو حتى الحديث عنه.
بنهاية العام 2015 وبعد أن تم تحرير بعض مدن الأنبار من داعش (كما قيل بالطبع) صرح رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بأن عام 2016 سيمثل نهاية تنظيم داعش، ومر ذلك العام وأتى الذي بعده ومازلنا نسمع عن قتال شرس بينه وبين القوات العراقية ومن يتحالف معها وخسائر لتلك القوات وتحرير مناطق واسعة من الموصل أكبر المدن العراقية بعد بغداد، ولكن التنظيم باق ولم ينته، ربما لأن المصلحة من وجوده مازالت غير متحققة وتحتاج بعض الوقت، إضافة إلى ذلك فإن القنوات الإخبارية لم تورد صورة واحدة لجثة مقاتل داعشي أو جريح أو أسير، فأين ذهبوا، هل هم أشباح أم ماذا؟ مع أن الأخبار تورد أعدادا كبيرة لقتلى التنظيم.
ما نفهمه أن التعتيم مقصود والتخويف هو أيضا مقصود والحاجة من وراء ذلك أضحت معروفة وتصب في نفس خانة تنظيم القاعدة الذي خفت أخباره بعد أن وجد البديل له، فحاجة القاعدة توقفت باحتلال أفغانستان ثم العراق والاستمرار سيكون مفضوحا للجميع، ولكن العراق لم يتم إخضاعه بالكامل للإرادة الغربية والفارسية بل بقيت مناطق شاسعة منه رافضة لذلك ومقاومة، وكانت تلك المقاومة تحظى بدعم شعبي عربي واسع وكانت الحرب معها واضحة للجميع، لذلك كان لابد من وجود شيء معتم غير واضح يبث الخوف في قلوب الكثيرين لغموضه وبسبب الأخبار المنقولة عنه من قتل واغتصاب وسبي للنساء وغير ذلك من التصرفات المرفوضة إنسانيا وشرعيا، ثم هناك سوريا التي يجب وأد ثورتها، فالحرب المباشرة معها ستخلق رأيا عاما مناهضا للحرب، خصوصا بعد ما حدث في العراق قبلها، لذلك لابد من وجود هذا الشيء المبهم لتفتيت سوريا عن طريقه وبسبب وجوده، لذلك رأينا داعش ينتشر في سوريا والعراق ويستقطب كثيرين من المؤمنين بالثورة على الظلم دون معرفة الحقيقة.
ربما يكون كل ما سبق السبب والداعي لوجود التنظيم وإقرانه بالغموض والتعتيم على ما يحدث في المناطق التي قيل إنه سيطر عليها... والله أعلم.