العدد 3072
الإثنين 13 مارس 2017
banner
أنقذوا سوق المحرق وآثاره التاريخية
الإثنين 13 مارس 2017

انقلبت الصورة على عقبيها وزحف التغيير بصورة واضحة وكأننا قطعنا علاقاتنا مع المحرق العريقة، أم المدن وأروعها، مدينة المواويل ونبض المحبة والتاريخ. يوم الخميس الماضي شعرت بطعم الألم وأظافر الحزن تنهش وجهي وأنا أشاهد المنطقة المحيطة بسوق المحرق وتحديدا الطرق القريبة من سينما المحرق قديما وعمارة “بوزبون” مليئة بالعمال الآسيويين بشكل مخيف، كان الطريق ملونا بالعتمة واللهجات الغريبة، والباعة الجائلون يتسكعون في كل طرف، هذا يبيع الخضار وآخر يبيع الملابس وثالث يبيع السمك، والمؤلم في الأمر أن هؤلاء الآسيويين يقفون بالقرب من “دكاكين قديمة جدا” غاب عنها الحنين وتلونت أهدابها بالنسيان، حتى دكان صانع نماذج السفن الشهير عبدالله بوزبون تراه وحيدا يمزق ضوء البقاء وسط هذه الموجة الآسيوية التي شوهت معالم المحرق وكتمت على أنفاس ما تبقى فيها من ريحة الطيبين. 

أين أنا... هل هذا هو الطريق الذي كنت أمشي عليه مع والدي رحمه الله في بداية السبعينات حيث الاستمتاع بوميض نجوم المحرق ومحلاتها؟ صفعت نفسي بهذا السؤال وقلت للزميل نادر الغانم الذي كان معي “في شي غلط”، لا يمكن أن يكون هذا سوق المحرق ولا الطريق الذي كنا نعرفه ونحضنه بقلوبنا قبل خطواتنا، لقد تغيرت الهيئة واختفى النور والهزيمة تأكل فيه بشراهة، ما الذي يحدث وكيف سمحنا له أن يحدث أصلا، فمنظر العمالة الآسيوية وهي تحتل طرقات وأزقة المحرق العتيدة خصوصا المنطقة المحيطة بالسوق شيء محزن ولا توجد في الدفتر كلمات تعبر عن حجم المأساة التي تتعرض لها المنطقة. 

أنا لا أتحدث عن بيوت تركها أهلها بحكم تغير ظروف الحياة، فتلك قصة أخرى، ولكنني أتحدث عن سوق ومحلات وأبواب دكاكين قديمة تعاني من العطش والنسيان، تركناها للأجنبي يمشي ويسرح فيها وأمامها وهي تصرخ من الحسرة واليتم! 

ما أريد قوله للدولة... أنقذوا هذا السوق وآثاره التاريخية وحافظوا عليه، فهو كنز يعبر عن هويتنا الحضارية والثقافية، فباب دكان قديم مغلق منذ سنوات هو في حد ذاته يمثل عراقة التاريخ ويفترض أن تكون هناك آليات مناسبة ودراسات شاملة حيال هذه المتاحف الصغيرة في سوق المحرق والمنطقة المحيطة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية