+A
A-

عودة الوزارات الأم... وفك تضارب اختصاص الهيئات المتشابهة

يأتي توجيه سمو رئيس الوزراء الذي تدور بشأنه نقاشات موسعة في وسائل التواصل الاجتماعي والصالونات السياسية في توقيت تعكف الحكومة على إعداد مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعامين 2017/ 2018.

ستعكس الميزانية الجديدة توجهات ترشيق الحكومة، وبخاصة في ظل ما يتردد في وقت سابق بأن الميزانية الجديدة سيكون عنوانها تقليص المصروفات العامة.

ويحمل توجيه سمو رئيس الوزراء الأخير بترشيق الكابينة الحكومية أمورا محددة، ويمكن من خلال تفكيك التوجيه السامي، الوصول إلى 5 محاور رئيسة، وهي:

- الأول: تقليص عدد الوزارات.

- الثاني: تقليص عدد الهيئات الحكومية.

- الثالث: دمج وزارات.

- الرابع: تقليل عدد الهيئات والمؤسسات.

- الخامس: إلحاق هيئات ومؤسسات بالوزارات القائمة.

ويستند تحرك الحكومة للحد من تضخم الجهاز الحكومي وضمان رفع كفاءته وزيادة إنتاجيته على توجيهات ملكية بإعادة هيكلة الجهاز الحكومي ليتناسب وطبيعة العمل الحكومي في المرحلة المقبلة. يصب التوجيه في تأكيد استمرار الحكومة تنفيذ مبادراتها ومشاريعها الحيوية وبخاصة بناء البيوت الجديدة؛ لخفض طابور الانتظار، وتلبية الاحتياجات التعليمية ببناء المدارس الحكومية، وإنشاء وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية، واستمرار صرف علاوة الغلاء بمعايير صارمة ليصل الدعم لمستحقيه. تقرير “البلاد” يتناول قراءة أولية لمشهد الجهاز الحكومي حاليا، بغض النظر عن أسماء من يتولى مقاليد الأمور في هذه الوزارات أو الهيئات أو المؤسسات أو المرشحين لتولي عبء المسؤولية الوطنية بالمرحلة المقبلة.

 سيناريوهات الوزارات

قد تشهد الحكومة الجديدة عودة “وزارة الطاقة”، وهي الوزارة الأم المعنية بشؤون النفط والغاز والكهرباء والماء، وهو ما يعني دمج وزارتين حاليتين، هما وزارة النفط ووزارة شؤون الكهرباء والماء، وتبعية هيئة الكهرباء والماء للوزارة الأم.

وفي حال أدمجت وزارة الإسكان مع وزارة خدمية أخرى بعد أن انفصلت عن ثنائيتها مع الأشغال قبل سنوات، فإن أكثر الوزارات المرشحة للإدماج معها وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، وربما يكون أنسب اسم للحقيبة الجديدة بعد الدمج وزارة شؤون البنية التحتية.

وزارة شؤون الشباب والرياضة هي وزارة وافدة على التشكيل الحكومي، وقد يطالها الإلحاق مع وزارات أخرى أسوة بتجارب دول خليجية، أو الاكتفاء بدور المجلس الأعلى للشباب والرياضة لإدارة الملف الرياضي الرسمي بدلا من تعدد الأجهزة الرسمية المعنية بشؤون الرياضة والشباب.

أما بالنسبة لوزارة المواصلات والاتصالات، فقد تكون خاضعة للادماج مع وزارة قريبة من اختصاصاتها وبخاصة ذات العلاقة بتعزيز الاستثمار والتنمية الاقتصادية، وذلك يطال بدالة إنترنت البحرين، وهي هيئة مستقلة، ولكنها على تماس مباشر في نشاطها مع الوزارة.

تقليص الهيئات

فيما يتعلق بتقليص عدد الهيئات الحكومية يبرز دور المجلس الأعلى للبيئة وتشابه اختصاصات مع وزارات خدماتية قائمة، وبما قد يجعل توجيه الدمج يطاله.

وكذلك بالنسبة لمعهد الإدارة العامة (بيبا) وما يقوم به من دور مهم لتدريب قيادات وموظفي الجهاز الحكومي وما يضطلع به من دور تكاملي مع ديوان الخدمة المدنية، وبخاصة أن رئيس الأخير هو رئيس مجلس إدارة (بيبا)، وبما يجعل الديوان والمعهد على طريق الإلحاق المباشر بوزارة ذات صلة باختصاصاتهما.

واستبق إلحاق مركز “دراسات” لوزارة الخارجية التوجيه السامي، وشكل هذا القرار تجربة ناجحة لتكرارها مع مؤسسات وهيئات أخرى، والجاري النقاش بشأنها حاليا.

ويثير تضارب الأدوار بين وزارة الصحة من جهة، والمجلس الأعلى للصحة وانضواء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية (نهرا) تحته من جهة أخرى، نقاشا لدى صناع القرار حول ضرورة توحيد القرار الرسمي المرتبط بالقطاع الصحي، وهو ما يعني مراجعة وجود هذه المؤسسات في منظومة مؤسسات الدولة ودورها وتأثيرها، وبخاصة مع إحالة الحكومة للبرلمان مشروع قانون الضمان الصحي، وهو التشريع الأهم للمواطنين صحيا؛ لأنه سينقل الرعاية الصحية من إدارة الدولة إلى المواطنين وذلك وفقا لبرنامج رزم يختار منها المواطن الفئة الاقتصادية التي تناسبه.

ويتصدر مشهد الهيئات هيئة البحرين للسياحة والمعارض، والتي غادرت جلباب وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، ومدى احتمالية أن تعود الهيئة للوزارة الأم مجددا.

ولا يمكن تجاهل مؤسسات إصلاح سوق العمل مثل هيئة تنظيم سوق العمل وصندوق العمل (تمكين) والحديث المتصاعد عن الحاجة لتقوية دور وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عبر استرداد الوزارة لبعض الاختصاصات التي ذهبت للهيئة والصندوق، خصوصا أن الوزير جميل حميدان رئيس مجلس إدارة الهيئة، وهو ما يختصر الكثير على خطوات استرداد الوزارة لصلاحياتها من الهيئة فيما لو عاد الفرع إلى الأصل.

أهداف الترشيق

تهاوي أسعار بيع النفط شكل تحديا مؤثرا في تحسين الموارد العامة بالميزانية العامة للدولة، وما ضاعف ذلك زيادة حجم الدَّين العام، والذي وصل مستويات مقلقة.

ومن المهم الإشارة إلى أن البحرين تعتبر الأقل إنتاجًا  للنفط والغاز في دول الخليج العربي.

إن السعر المطلوب لتحقيق التعادل بين الإيرادات والمصروفات يقدر بأكثر من 130 دولارًا لبرميل النفط، وعليه فإنه لتحقيق سعر التعادل بين الإيرادات والمصروفات يجب اتخاذ العديد من الإجراءات. وبلغ سعر البرميل في بعض الفترات 30 دولارا. وصدقت نبوءة وزارة المالية في مفاوضات الميزانية العامة السابقة مع البرلمان، إذ قدّرت العجز في الميزانية بـ 40 %، وأن العجز الحقيقي المتوقع في الميزانية المنتهية يقدر بأكثر من مليار دينار، وأن العجز الحقيقي سيكون أعلى؛ لأن الميزانية بنيت على افتراض سعر 60 دولارًا للبرميل، بينما السعر الحقيقي أقل من ذلك.