العدد 3077
السبت 18 مارس 2017
banner
الأم... نفحات من رياض الجنة
السبت 18 مارس 2017

الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة تحض على بر الوالدين والإحسان لهما، وما ينتظر بار والديه من الثواب والأجر العظيم عند الله جل جلاله، والحقيقة أنه لا يسعنا حصر الآيات والأحاديث والمواعظ والحكم في بر الوالدين وخصوصا الأم التي يحتفل العالم العربي بعيدها في مارس من كل عام، ولكن يبقى السؤال الأهم هل نشعر حقا بهذه القيمة والمكانة للأم في قلوبنا طوال العام كما ينبغي وكما يجب أن يكون؟! هل نحن نحب الأم ونقدرها ونعلم حقوقها علينا وتضحياتها بلا قيد أو شرط لهذا الحب؟

للأسف الشديد هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في مخيلتي بعد أن انتشرت ظاهرة عقوق الوالدين وهي ظاهرة خطيرة تهدد بنسف القيم الأخلاقية وتنزع الرحمة من القلوب ويتحول معها المجتمع من مظاهر الرحمة واللين إلى القسوة والغلظة، وكارثة عقوق الوالدين ليست شأنا خاصا كما يتوهم البعض ولكنها جريمة مستمرة في حق الوفاء وصلة الرحم وكل مظاهر التماسك الأسري والمجتمعي وتكون لها تبعات خطيرة على المجتمع بأكمله، ولذلك صدق قول الشاعر حافظ إبراهيم في بيته الشهير عن فضل الأم (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق)، الأم لا تحتاج يوما كل عام لتكريمها والاحتفاء بها ولكن تحتاج إلى أرواح تحلق في فضاءات وفائها ورياض جنتها ولا يدرك ذلك المعنى إلا البررة الناجون من جحيم قسوة القلوب، هؤلاء أصحاب القلوب النظيفة والقيم الأخلاقية العليا الذين يعلمون يقينا أنه مهما حاولنا أن نرد الدين للأم فلن نقدر على اختراق حدود قدسية مكانتها الجليلة لأنها الوعاء الأقدس الذي تُنفَخُ فيه الروح لتحيا نفسٌ جديدة وحياة قادمة لخلق جديد وهي الغذاء والحضن الأول.

أتعجب من القساة الغلاظ الذين يعقون من كانت سببا في وجودهم وتربيتهم ومنبع ثقافتهم المجتمعية، وهنا يأتي دور المؤسسات الدينية والهيئات المدنية والوزارات المختلفة ووسائل الإعلام في توعية الشباب وابتكار طرق جديدة ومختلفة لتنشيط الوعي ولم شمل الفرقاء وعلى سبيل المثال البرامج التلفزيونية التي تبحث هذه المشكلات على أرض الواقع والمسابقات في المدارس والجامعات عن الأم وفضلها وأيضا في المساجد تكثيف الخطب والمواعظ وكذلك الأعمال الفنية السينيمائية والدرامية والغنائية وليكن الاحتفال بالأم وتكريمها عملا دائما ومستمرا طوال العام. 

وختاما أتوجه إلى كل أم بالتهنئة والدعاء إلى الله بأن لا يحرمها الأجر والثواب العظيم وطاعة الأبناء وحبهم ووفاءهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .