+A
A-

"طيران داركليب".. الناقل الرسمي لطموحات البحرينيين

 

لم يتوقع أكبر المتفائلين على وجه الأرض، أن تنجو "طائرة دار كليب" من مطبات بطولة الخليج المزدحمة بعمالقة اللعبة من أصحاب التاريخ العريق والإنجازات الكبرى.

وحتى درجة "التشاؤم الواقعي"، مثلت صعوبة "الرحلة التنافسية" لداركليب، تحديًا أكبر من إمكانات طائرة قرية محدودة العدة والعتاد، وجدت نفسها تُقلع في سماء تنافسية مليئة بغيوم ركامية كثيفة لا يمكن اختراقها بسهولة، ولحسن الحظ أن هذا "التشاؤم الواقعي" لا يعد في عالم الرياضة إلا تحليلاً ورقيًّا ينافي منطق "هذا الميدان يا حميدان".

وعندما لا تراهن على الاعتبارات المعنوية والنفسية التي تتجلى بوضوح في الروح القتالية للاعب البحريني وإصراره على كسر المنطق، فسوف تكون خاسراً على الدوام، حيث أنها كفيلة بتحطيم "خرافة" ما يسمى بالتوازن المعقول بين الأشياء.. إذ يكفي أن تكون القيمة التشغيلية لنادي داركليب أقل بكثير من رواتب نجوم يلعبون في الأندية الخليجية!

 

لكن حكاية دار كليب بدأت عندما شارك مجموعة من الطامحين للمرة الأولى في البطولة الخليجية للأندية للكرة الطائرة بصفتهم أبطال الدوري المحلي في الموسم الماضي، ولأنهم مكافحون لا يعرفون المستحيل، أرادوا الفوز في التحدي الخليجي الذي تستضيفه قطر رغم صعوبته.. وبطريقة أشبه بالمعجزة استطاعوا هزيمة منافسيهم المزودين بكل أنواع الدعم والمساندة والتجهيزات الحديثة وصعدوا في نهاية المطاف إلى منصة المجد متفوقين على العربي والريان القطريين والسلام العماني والهلال السعودي والأهلي البحريني "بطل العرب" في لوحة الشرف التاريخية.

 

أليست حكاية أسطورية؟ فهل توقع أحد تفوّق دار كليب الصغير في موقعه وموارده المالية والبشرية، والمكون جله من اللاعبين البحرينيين، على فريق العربي القطري المعزّز بالنجوم المحترفين من مختلف دول العالم؟

 

والأدهى من ذلك عندما يمتد هذا التفوق إلى المدرجات، فيعلو صوت جماهير "العنيد" التي زحفت إلى الدوحة على صوت جماهير الفريق المضيف للبطولة، بل ويكون "الجمهور البنفسجي" لاعبًا أساسيًّا في تشجيع فريقه وتزويده بجرعات مُحفزة على الانتصار.

 

بهذه العقلية الانتحارية، حلقت "طائرة داركليب" إلى مرتفعات أعلى بكثير مما هو متوقع ومقبول في الظروف الطبيعية، كان المنطقي أن تظهر طائرة داركليب في الأجواء الخليجية بشكل مشرّف في تجربتها الأولى، لكنها أصرت على الوصول إلى وجهتها الحالمة، مُستمدة وقودها من ثقافة تنافسية عالية وثقة غير محدودة واعتزاز بالانتماء للأرض غير عابئة بالتحديات التي فرضها وجود أقطاب قوية في المنافسة تضاهي مغامرة العبور على "مثلث برمودا" المرعب.

 

وعندما تصل الأمور إلى هذه المرحلة، فالمسألة ليست قابلة للنقاش، ويمكن القول إن هذا "الفريق البنفسجي" رسم "موناليزا" أسطورية أخرى لم تكن ابتسامتها غامضة.. موناليزا داركليب ابتسامتها مشرقة، ففي قاموس "أبناء الدار" لا داعي للغموض عندما تكون الحقيقة جليّة.. والقرار حاسم.. والرؤية واضحة.

 

هكذا كانت فلسفة "دافنشي البحريني" المتمثل في كل لاعب من لاعبي دار كليب.. فهم من يمكن أن يفخر بهم الوطن، لأنهم الإبداع الذي يُحطّم الفروقات ولا تُحطمه، وما أحوج الرياضة البحرينية لهذا السلاح الفتاك، الذي جعل من فريق طائرة داركليب الناقل الرسمي لطموحات البحرينيين كافة.. بلا منازع!