من السهل أن تكون خائناً تبيع الوطن بتذكرة طائرة سياحية أو سكن مجاني بفندق ثلاث نجوم حتى، ومن السهل أن تكون لصاً وتسرق من أفواه الآخرين، ومن السهل أن تكون تاجراً وأن تحقق الملايين بدعمٍ من حكومة بلادك ثم تدعم بدورك خونة الوطن، من السهل أن تكون مدعياً ضد بلدك في الخارج ومشهراً بتاريخها وحضارتها ثم تعود إليها “سلاماً سلاما” من دون أن يسألك أحد سؤالاً واحدا عما اقترفت، ثم من السهل جداً أن تنتمي لجمعية سياسية حاربت وطنك وشعبك وخانت دستور بلادك والقيم الحضارية، بل سهل أن تفتري جمعيتك على وطنك فلا ترى في ذلك خيانة للوطن وتمضي محتفظاً بعضويتك في هذه الجمعية. سهل أن ترى تلفزيون بلادك الذي تعرض للتشهير والسب والشتم من بعض “الكتبة” يستضيفهم – أي التلفزيون ذاته - ويمنحهم صك الغفران ثم يقال إن التطوير طال التلفزيون، كل ذلك سهل جداً جداً لكن ما هو الصعب بالمقابل؟

من الصعب أن تتحمل رؤية الخائن يجلس قرب المسؤول وكأنه لم يرتكب أكبر الفواحش أي الخيانة العظمى للوطن، من الصعب رؤية من ارتكب جريمة بيع الوطن واستقال من وظيفته الرسمية التي شرفه بها الوطن احتجاجاً على استخدام القوة ضد الغوغاء ثم يحتل منصباً رسمياً أعلى من منصبه الأول، من الصعب ذلك أليس كذلك؟

من الصعب أن ترى الإنسان الوطني الشريف لا يملك حق العمل والإنسان الخائن الذي يفاخر بخيانته يحتل مناصب عدة، من الصعب أن ترى الجرائد الوطنية تتآكل وتذوب والجرائد المرتشية تعيش وتنهض، من الصعب رؤية من سرق المقالات مستمراً في الكتابة وما من طرفٍ يحرك ساكناً لوقف المهزلة. من الصعب أن ترى تجار بلادك يكدسون الأرباح هنا وهناك ولا ترى واحداً منهم يساهم في مشروع وطني يستفيد منه الوطن، من الصعب رؤية شواطئك وسواحل بلادك وقد تحولت لجزرٍ صناعية وعمارات سكنية وناطحات سحابية ولا ترى عائدا من كل ذلك على شعبك وحكومتك فكل عائدات تلك السواحل لأفرادٍ لم يكن البحر لهم في يوم ما.

كثيراً هناك “من السهل والصعب”، لو بحثت في  مفارقات السهل والصعب سترى الكثير من العجائب، فكثيرةٌ هي الصور والمناظر التي أراها ويراها غيري يومياً، فالآية عندما يقال عنها معكوسة المقصود بذلك أن تتمنى عكس ما ترى ولكن للأسف لم نستفد بعد من دروس المحنة، فمازال هناك الصعب والسهل في هذه الصورة اليوم. 

تنويرة

: لا تظن إن تسامحت مع الأحمق كسبت.