العدد 3082
الخميس 23 مارس 2017
banner
بشفافية عبدالجبار الطيب
عبدالجبار الطيب
مجلس النواب وديوان الرقابة المالية
الخميس 23 مارس 2017

يجب أن لا يغيب عن مجلس النواب وأيضا مجلس الشورى أن الأجهزة الرقابية العليا كديوان الرقابة المالية لها دور أصيل هو التدقيق على الأجهزة الخاضعة للتدقيق، وأن دور الإحالة للنيابة العامة هو مما قد يعرض هذه الأجهزة لفقدان مصداقيتها ومهنيتها في حال براءة من أحيل من قبلها للنيابة لمظنة وجود شبهة جنائية .
هي بيوت للخبرة، وجهات مهنية، تعمل مستقلة عن الأجهزة الحكومية وتمثل رقابة خارجية موضوعية يفترض أن تنتهي بتقرير تصدره وللسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الحق الكامل في التعاطي مع تقرير هذه الأجهزة وفقا لاختصاصاتها الدستورية، لذلك كان من الأفضل أن يمارس مجلس النواب سلطاته الدستورية الرقابية على أعمال الحكومة بدلا من إلقاء الكرة في ملعب ديوان الرقابة المالية وتكليفه وجوبيا بالإحالة للنيابة.
إن الإحالة الوجوبية تتعارض مع نص المادة ١١٦ من الدستور التي جعلت لديوان الرقابة المالية اختصاصا واضحا هو أن يعاون الحكومة ومجلس النواب في رقابة تحصيل إيرادات الدولة وإنفاق مصروفاتها في حدود الميزانية وتقديم تقرير سنوي لكل من الحكومة ومجلس النواب عن أعماله وملاحظاته، كل ذلك في إطار الحفاظ على استقلاليته التي يجب أن يعززها دائما قانون ديوان الرقابة .
ولنبسط المسألة، إن مصطلح الرقابة في مفاهيم علم المالية العامة والتدقيق لا يخرج عن كونه مجموعة من الإجراءات والضوابط والتدابير المتخذة من قبل الإدارة بهدف إدارة المخاطر والتخفيف من حدة آثارها، والمخاطر هي الجوانب السلبية التي قد تحصل للمؤسسة ومنها المخالفات والجرائم المالية، ودور ديوان الرقابة هو المعاونة وليس القيام بدور أصيل مكان الحكومة أو مجلس النواب لأن ذلك قد يفقد موضوعيته (توجه ذهني لاتخاذ الآراء دون قبول تدخل أو ضغط)، وقد يكون ذلك تعديا منه على اختصاص السلطات العامة، فالأصل أن تكون الرقابة قوية، ذاتية، وداخلية داخل الجهات الحكومية، كما أن تعاطي الديوان بشكل مباشر مع مسائل تهم الرأي العام قد يجعله عرضة لنقد الأفراد وعلى المدى المتوسط والبعيد قد يطعن في استقلاله وقدرته على أداء أعماله بمهنية، وهي أمور لا يجب التضحية بها، خصوصا أن الدستور والتشريعات مكنت الحكومة ومجلس النواب والنيابة العامة من الإحالة سواء للنيابة بخصوص الحكومة ومجلس النواب (فلا يوجد ما يمنع دستوريا لأن الدستور لم يحظر الإحالة من مجلس النواب للنيابة العامة وما لم يحظره الدستور الأصل فيه الجواز) أو الإحالة للقضاء - اتهاما - بخصوص النيابة العامة .
لقد رسم الدستور شكلا واضحا ومعالم محددة لاختصاصات ديوان الرقابة المالية تختلف عن محكمة المحاسبات في فرنسا أو جهاز المحاسبات في مصر، حالة خاصة تتماشى مع النظام الدستوري البحريني، دورها (الفحص الموضوعي للتقارير والأوضاع المالية للجهات الخاضعة) وتنتهي عند هذا الأمر، وغير ذلك يبقى معروضا للتعاطي السياسي والجنائي بين سلطات الدولة، وبما تراه يحقق الصالح العام .

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .