من الصعب التنبؤ بما ستكون عليه أوضاع العمالة الوطنية في السوق في غضون ثلاث أو أربع سنوات مقبلة، سواء على مستوى الاستقرار في الأعمال والوظائف، أو على مستوى القدرة على استيعاب الأيدي العاملة الوطنية من الخريجين من الجامعات وحتى المدارس الثانوية والفنية، إلا أن أطراف الإنتاج: الحكومة ممثلة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وديوان الخدمة المدنية، وأصحاب الأعمال (القطاع الخاص تحديدًا)، والعمال (ممثلين بالطبع في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين)، تعمل وعليها أن تعمل أكثر وفق دراسات دقيقة، لاستشراف المستقبل بكل تحدياته.

وإذا عدنا إلى لقاء صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، في شهر سبتمبر من العام الماضي، الأمانة العامة المنتخبة للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وكذلك المتابعة للقطاع العمالي من جانب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء، فإن هناك قراءة واضحة لدى القيادة الرشيدة بالحفاظ على المكتسبات العمالية، وهذا الأمر له ارتباط مطلق بالاستقرار الاجتماعي وتحسين معيشة المواطن، ومن الأهمية بمكان العمل على صد أية متغيرات أو تحولات ثقيلة تنعكس على تضرر العمالة الوطنية، مما يلقي مسؤولية كبيرة على المعنيين سواء وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أو ديوان الخدمة المدنية.

الاستعداد للمستقبل بكل تنبؤاته وتخميناته وتحليلات الخبراء بشأنه ومدى القدرة على مواجهته، كلها أمور ليست غائبة عن منهج وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل بن محمد علي حميدان، وعلى ذلك، نرى أن التواصل المستمر مع الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وتنظيم اللقاءات التشاورية ورسم الخطط مع هيئة تنظيم سوق العمل يمثل تحديًا كبيرًا لابد أن ينجح فيه الوزير حميدان وتنجح فيه الأطراف المتعاونة معه، ولن يتحقق ذلك النجاح إلا بالدعم الكامل من جانب الحكومة الموقرة من جهة، ومن القطاع الخاص بكل تخصصاته في ترجمة التطلعات والآمال والخطط إلى عمل ميداني يمكن من خلاله إحداث تقليص حقيقي لعدد العاطلين عن العمل، بل إيجاد فرص عمل أفضل حتى للكوادر التي تعمل في وظائف منخفضة الأجر وهي تستحق وظائف أفضل، ثم النظر إلى الأرقام، فالأرقام مهمة خصوصا تلك المتعلقة بتوقعات أعداد الخريجين من الجامعات والمدارس الثانوية والفنية والمعاهد خلال السنوات الثلاث المقبلة على الأقل، وكيفية استيعابهم في سوق العمل.