بلغة الإحصاء يمكننا القول إن الأندية الصغيرة في البحرين وذات المردود المادي القليل تهتم بالأنشطة الثقافية والفنية أكثر من الأندية الكبيرة بمنشآتها الضخمة وإمكانياتها المادية، وهذه حقيقة يمكن ملاحظتها بالواقع وعلى الدوام وسبق أن نقلت هذه الملاحظة إلى الوكيل المساعد بوزارة شؤون الشباب والرياضة المهندس خالد الحاج في افتتاح الأسبوع الثقافي الذي أقامه نادي مدينة عيسى قبل أيام بمناسبة اليوم العالمي للشعر، وهناك حقيقة مدهشة مؤداها أن معظم المبدعين في شتى المجالات خرجوا من معطف الأندية الصغيرة التي تحمل بصمات واضحة في مسيرة الأدب والفكر وبشكل فعلي وملموس، فهذه الأندية لم تكتف بالنشاط الرياضي فحسب وإنما اهتمت بمختلف الأنشطة الثقافية والفنية واعتبرتها جواز سفرها الحقيقي في رحلة التطوير والبناء وعملت بانتظام على استقطاب الشباب ووفرت لهم الأرضية الملائمة لممارسة الرياضة والثقافة معا، على اعتبار أن “النادي” مركز يستقطب المبدعين والموهوبين في مختلف المجالات.

لقد أكد العلماء مرارا وتكرارا أن الثقافة مسؤولة عن الجزء الأكبر من محتوى أية شخصية والشاب الذي يتعود على أنماط سلوكية متعلقة بالنشاط الثقافي يكون بعيدا عن الانهيار أمام تيارات العصر، ولكن يبدو أن هذه المعلومة بعيدة عن الإخوة في مجالس إدارات الأندية البحرينية الكبيرة الذين لربما ينظرون إلى الأنشطة الثقافية والفنية بصورة عابرة ومقتضبة ولا يتوقفون عندها ويولونها الاهتمام الواجب، فمثلا نادي المحرق العريق وشيخ الأندية الخليجية به من مظاهر القصور في الأنشطة الثقافية والفنية، ربما هناك محاولات وجهود تبذل ولكن لا تتناسب مع المرحلة أو تفتقد إلى الأسلوب السليم، وكذلك نادي الرفاع “الحبيب” الذي أعتبره بيتي الثاني وتربطني علاقات أخوية قديمة جدا بأبطاله انحسرت في أروقته الأنشطة الثقافية والفنية بشكل لافت ومقلق ولم تعد تتبوأ المكانة الرفيعة مثل السابق، ففي تلك الأيام وتحديدا أواخر السبعينات كان النشاط الثقافي نجما متألقا على مسرح النادي رغم تواضع المبنى وصغره.

عشقي للرفاع وجذوري المحرقاوية تجعلني لا أبخل بكلمة حق وبأي جهد يمكن ان يساهم في تطوير الأنشطة الثقافية وتوسيع نطاقها والدفع بها الى الأمام في الصرحين العتيدين اللذين بإمكانهما رسم برامج التميز الثقافي في الأندية كما فعلا في الرياضة.