+A
A-

المؤيد: تعدد الجهات المسؤولة عن السياحة “ضيَّع البوصلة”

أكد رئيس لجنة السياحة في غرفة تجارة وصناعة البحرين سفيان المؤيد أن غياب التنسيق بين الجهات المسؤولة عن قطاع السياحة في المملكة فيما بينها من جهة، وبين القطاع الخاص من جهة أخرى، أضر بالقطاع، وجعل رؤيته غير واضحة.

واعتبر في حديث مع “البلاد” أن تعدد الجهات المسؤولة عن القطاع أحد أهم أسباب غياب التنسيق و”ضياع البوصلة”، داعيا إلى جعل هيئة السياحة هي المعنية والمسؤولة عن القطاع من ألفه إلى يائه.

واعتبر المؤيد، وهو المدير المفوض لشركة خالد المؤيد وأولاده أن الشهر الجاري (أبريل) الأفضل على الإطلاق بالنسبة للقطاع، حيث صادف استضافة البحرين سباق الفورمولا1، فضلا عن تزامنه مع إجازة منتصف الفصل الدراسي في السعودية، الأمر الذي حرك السوق ورفع نسبة الإشغال بالفنادق التي امتلأت تقريبا.

 

الفورمولا1 رافد للسياحة

وأوضح أن البحرين استفادت كثيرا من سباق الفورمولا1، متوقعا أن تزاد هذه الاستفادة عاما بعد عام.

وقال المؤيد إن استثمار السباق لا يشمل المطاعم والفنادق والنقل فحسب، وإنما هناك إمكان لتعظيم الاستفادة من خلال تنفيذ برامج متكاملة للسياح تضاف إلى حضور السباق كأن يتم ترتيب زيارات للأماكن التراثية مثلا. 

وأشارت إحصاءات هيئة البحرين للسياحة والمعارض إلى زيادة إيرادات الفنادق خلال استضافة الفورمولا1 إلى 3.7 مليون دينار، وزيادة إجمالي مبيعات الغرف لتصل إلى أكثر من 12 ألف غرفة فندقية، كما ارتفع إجمالي نسبة إشغال الفنادق من فئة الخمس نجوم لتصل إلى 89 %.

وأوضح المؤيد أن كل فئة من السياح يناسبها نوعا معينا من البرامج، فمثلا الألمان واليابانيون يحبون المناطق التراثية، فيما يفضل الإنجليز الشواطئ، وهكذا، فعلا العامل بالقطاع التنبه لأمزجة ورغبات السياح لتحقيق الفائدة.

وأشاد المؤيد بالبرامج التي أطلقها مجلس التنمية الاقتصادية؛ للتعريف بالبحرين وجذب المزيد من السياح، خصوصا السياح الآسيويين، والصينيين، وكذلك القادمين من روسيا، موضحا أنه سيؤتي ثماره بلاشك.

وبين أن هناك تناغما في الرؤية بين هيئة السياحة ومجلس التنمية الاقتصادية، وهو أمر يصب في مصلحة القطاع، فهم يسيرون في خط واحد حاليا، وكذلك الأمر بالنسبة للثقافة.

 

قطاع السياحة يتبع جهة واحدة

وطالب المؤيد بضرورة أن يتبع القطاع السياحي جهة واحدة؛ حتى لا تضيع الرؤية وتكثر القرارات وتتداخل، مشيرا إلى خطأ قرار فصل مكاتب السياحة عن السفر، الذي نفذ قبل نحو العام، حيث أصبحت مكاتب السفر تتبع لوزارة المواصلات فيما تتبع مكاتب السياحة لهيئة السياحة، يضاف إلى ذلك أن مكاتب الحج والعمرة تتبع لوزارة الأوقاف.

وتساءل “عندي وكما غيري مكتب للسياحة والسفر، وانقسم الآن إلى نصفين بحسب الجهة التي يتبع لها، فهل هذا منطقي، هل هذا عملي؟”.

وتابع المؤيد “التوجه الحكومي برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، وكذلك الأمر بالنسبة لصاحب السمو الملكي ولي العهد بأن يكون القطاع السياحي أحد ركائز الاقتصاد، أين هذا التوجيه من هذه القرارات؟”.  

ولا يوجد في البحرين أرقام (إحصاءات) دقيقة عن عدد شركات ومكاتب السياحة والسفر، ففي الوقت الذي تشير فيه بيانات الأياتا إلى أن العدد يبلغ 120 مكتبا، فإن وزارة الموصلات تقول إنها نحو 300، فيما تؤكد جهات أخرى بأن العدد 250 مكتبا.

واعتبر أن ينفق السائح الواحد نحو 84 دينارا (الرقم بحسب هيئة السياحة) مبلغا جيدا، وهو يضاهي دولا متقدمة في قطاع السياحة مرجعا ذلك إلى التركيز على نوعية الزائر، لكنه عاد ليؤكد بأن الهدف أن يقضي السائح عدد ليالٍ أكثر في البحرين؛ حتى تتعاظم الفائدة.

ومن المعلوم أن السائح الخليجي، والسعودي تحديدا الأعلى إنفاقا على مستوى العالم، ما يعني، بحسب المؤيد، أن التركيز على السائح الخليجي “السير في الطريق الصحيح”. 

 

الضمان البنكي حجر عثرة 

وجدد المؤيد انتقاده الشديد لقرار وزارة المواصلات بإلزام مكاتب السفر بضمان بنكي قيمته 10 آلاف دينار، مؤكدا أن هذا الأمر يضر بالمستثمر البحريني لاسيما المكاتب الصغيرة.

وكانت وزارة المواصلات والاتصالات أصدرت قرارا في شهر أغسطس الماضي يلزم وكلاء المشغل الجوي ومكاتب السفر عند تقديم طلب الترخيص ببيع وتسويق خدمات النقل الجوي أو تجديده، بتقديم خطاب ضمان مصرفي بقيمة 10 آلاف دينار، قابل للتسييل من دون قيد أو شرط لصالح شؤون الطيران المدني، وتستخدم قيمة هذا الضمان لاستيفاء أي مخالفة لشروط الترخيص دون ذكر نوعية تلك المخالفات أو الشخص الذي يحدد مبلغ المخالفة. 

وأكد المؤيد أن الوزارة لم تستمع لرأي أصحاب الشأن وأصدرت القرار منفردة (...) حاولنا مناقشتها ورفع مرئيات العاملين بالقطاع وتبيان مضرة هذا القرار إلا أنها لم تستجب، بل ضربت رأينا بعرض الحائط.

وأضاف “تحججت الوزارة بأن ذلك يضمن حقوق المسافرين (المستهلك)”، وأنا أقول لها “هل أنت المسؤولة عن حماية حقوق المستهلك أم وزارة التجارة؟”. 

وزاد “كما أن نسبة التأخير بالدفع في البحرين لا تستدعي هذا القرار، فهي لا تتجاوز الـ 1 %، وهي نسبة بسيطة”.

وتساءل المؤيد “لماذا لم تفرض الوزارة الضمان البنكي على شركات الطيران الكبرى، وبمبالغ تتناسب مع حجمها؟” (...) “المكاتب السياحية تودع نقودها في البنوك البحرينية، وهو ما يدعم الاقتصاد الوطني، بخلاف شركات الطيران الكبرى التي قد تسيء للمسافر وتهضمه حقه، فضلا عن أنها تحول نقودها إلى خارج البحرين”.

وقال “ركزت المواصلات على هذه المسألة التي أصبحت حجر عثرة أمام القطاع، وتناست دورها الرئيس والمتعلق بالرقابة والتفتيش، ومنع المكاتب غير المرخصة من بيع التذاكر والخدمات”.

وانتقد المؤيد غياب الرقابة على مكاتب السفر، موضحا أن السوق تعج بالإعلانات التي تروج لبيع التذاكر سواء بالصحف الإعلانية أو تلك الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعمل هؤلاء دون تراخيص وبشكل غير قانوني.

 

هيئة السياحة.. منقذ القطاع

وعلى الجهة المقابلة، أكد المؤيد أن تأسيس هيئة السياحة جاء كإنقاذ للقطاع، فهي تعمل بجدارة واجتهاد، (...) دائما ما نلقي مسؤوليتها متفهمين، متقبلين الآراء البناءة، لقد لمسنا الفرق، فضلا عن أنها تعمل بشفافية، بتنظيم، بوضوح، بمؤسسية”.

وتأسست الهيئة بمرسوم قانون رقم 31 لسنة 2015 بتاريخ 7 أكتوبر 2015، والذي تضمن إنشاء هيئة البحرين للسياحة والمعارض كهيئة مستقلة.

 

السياحة الثقافية التاريخية

واعتبر المؤيد تاريخ البحرين الضارب بالعمق، طريق ممهد للترويج للسياحة التراثية التاريخية، فحضارة دلمون والجنة المفقودة وأرض الخلود، والمقابر والقلاع نعمة من نعم الله التي منَّ بها على هذه الجزيرة الوادعة.

ودعا إلى استثمار هذه الخاصية التي ميزت البحرين عن بقية الدول (...) نعم لدينا تعليم، لدينا طب، لدينا تقدم في العديد من القطاعات، لكن الغير عنده أيضا هذا التقدم، لكن لا يوجد عنده تاريخ وحضارة كالبحرين، لا أحد يستطيع منافسة المملكة بأنها أقدم دولة في المنطقة (...) أنا مؤمن بالسياحة الثقافية التاريخية. 

وأكد المؤيد أن السياحة الرياضية أيضا تعد نافذة مهمة يمكن التعويل عليها لاستقطاب الزوار والسياح، فهي كبيرة وستتطور وتكبر أكثر مستقبلا، والفورمولا1 خير دليل على ذلك.

وتابع “نجاح الرياضة يتطلب الحلم والنقود، ونحن لسنا الوحيدين الذين نمتلك الأموال، فهو قطاع ممتاز، لكن المنافسة فيه شديدة. أما التراث، فهو أرث عمرة آلاف السنين، لا أحد يستطيع الرجوع بالتاريخ لبناء تراث وحضارة”.

ودعا المؤيد إلى ضرورة إدراج بقية المواقع الأثرية في البحرين على قائمة اليونسكو كما طريق اللؤلؤ وقلعة البحرين، خصوصا قبور عالي وموقع باربار وغيرها، مشيدا بالجهود الكبيرة التي تبذلها الثقافية بهذا الخصوص.

واقترح إنشاء متحف صغير يعنى بالقبور التراثية في البحرين، بحيث يستطيع الزائر معرفة ما معنى أقدم وأكبر مقبرة بتاريخ البشرية، وطريقة الدفان وقصة أرض الخلود والأساطير والمعتقدات التي بنيت قديما على أرض البحرين.

وقال المؤيد “من هذا المنطلق يجب علينا البحث عن السياح الذين يقدّرون ما هي البحرين، عن الشيء الملموس وغير الملموس فيها، فالسائح يذهب إلى العديد من الدول، لكن عندما يأتي إلينا يؤكد أنه مرتاح، أنه يشعر بالتاريخ والقدم والعمق”.

 

سياحة صيد اللؤلؤ

وفيما يتعلق بسياحة صيد اللؤلؤ، وإمكان استثمار هذا الإرث كنوع من السياحة، يقول المؤيد إن البحرين تميزت باللؤلؤ عن غيرها من دول المنطقة، فاللؤلؤ البحريني صاف وذو لمعان وأملس وهو خاص جدا، وذلك بفضل عيون المياه العذبة التي كانت سابقا في باطن البحر، لكن للأسف اليوم اختفت هذه الخاصية بسبب الدفان وعدم الحفاظ على البيئة البحرية.

وأضاف “من حيث المبدأ الفكرة جيدة، لكن تطبيقها صعب، فهل البحر مازال كالسابق (...) للأسف كل شيء تغير، فهو غير نظيف، وبإمكانك سؤال الغواصين لينقلوا لك الصورة من العمق”.

 

مميزات الاستثمار

وحول مميزات الاستثمار ومعوقاته في البحرين، يؤكد المؤيد “أن المملكة تتميز وتتفوق على الكثير من الدول بالقوانين والتشريعات والأنظمة المرنة وسهولة الاستثمار، فسوقنا منفتحة وقابلة للتطور”.

وأضاف “أي دولة في العالم لديها معوقات للاستثمار وكل بحسب ظروفه، لكن البحرين تبقى منافسة” (...) هناك خطط طموحة ونتائج جيدة في جذب المستثمرين من الخارج، لكن نحن أيضا بحاجة ماسة إلى ضرورة إقناع البحرينيين باستثمار أموالهم داخل الوطن، ونحن هنا لا نتحدث عن أرقام وإنما عن حال، فعندما يستثمر المواطن في وطنه، فإن ذلك يقنع المستثمر الأجنبي بالقدوم”.

وأشار المؤيد إلى النافذة الواحدة في التعامل مع المستثمرين، مؤكدا أنها جيدة، لكنها لم تعد مميزة، فجميع دول العالم الراغبة بجذب المستثمرين لديها نافذة واحدة، مطالبا بفتح المزيد من المكاتب في مناطق البحرين المختلفة؛ لضمان السرعة والدقة والتخلص من الازدحام، لاحظ دبي قد تجد في كل “فريج” مكتبا.

 

نسبة البحرنة

واشتكى المؤيد من نسبة البحرنة المفروضة على قطاعات الأعمال وخصوصا قطاع السياحة، مؤكدا أن كثيرا من الوعود أطلقت منذ بدأ مشروع “مكنزي” بأن يعاد النظر في نسبة البحرنة، أو إزالتها تماما، لكن ذلك لم يحدث.

وأكد أنه مع توظيف البحريني، وجعله المفضل لدى أصحاب الأعمال (...) مثلا في عملي الخاص ستجد أن معظم من يعمل لديَّ هم من البحرينيين، لكن أليس فكرة جعل البحريني مفضلا تحتاج تهيئة وتدريبا، أين نحن من ذلك، هل جميع الجهات تسير بالخطى نفسها وتعمل يدا بيد؟

وأوضح أن تهيئة وتجهيز الأجيال القادمة أمر بغاية الأهمية، علينا غرس ثقافة العمل وأهميته في نفوس أبنائنا، علينا إقناعهم بأنه لا يجوز ترك العمل متى شئت، وأن الحياة مثابرة وطريق النجاح يحتاج الصبر والطموح.

وتساءل “هل فرض البحرنة يصلح في كل القطاعات، ماذا عن المقاولات، المطاعم، وغيرها؟”.

ومن المعلوم أن الحكومة تفرض نسبة بحرنة متفاوتة وتختلف من قطاع إلى آخر، وهي تتراوح بين 20 % و90 % أو حتى قد تصل إلى 100 % في بعض القطاعات.

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية جميل حميدان قال في تصريحات نشرت منتصف العام الماضي إنهم بصدد إلغاء “نسب البحرنة” على الشركات؛ بهدف تشجيع الاستثمار، إلا أن النسبة لم تتحرك، ولم تتغير إلى الآن.