+A
A-

"الإدارية" تُلغي قرارين للمصرف المركزي بعد نزاع دام أكثر من 6 سنوات

ألغت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية كل من القضاة محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبد الله إبراهيم، قرارين إداريين صادرَين من مصرف البحرين المركزي، مفادهما وضع بنك "أوال" تحت الإدارة، فضلاً عن إلغاء قرار بتعيين مدير خارجي لإدارته؛ وذلك مع ما يترتب على ذلك من آثار، إذ بينت أن الأوراق خلت مما يفيد قيام المصرف المركزي باتخاذ الضوابط والإجراءات التي رسمها المشرع قبل توقيع أيٍ من الجزاءات أو التدابير الإدارية على البنك، ما يعني أن المدعى عليه أهدَرَ حق المدعي في الاعتراض على الجزاء أو التدبير الإداري المزمع توقيعه بحقه، وهو وما يعيب القرار بعدم المشروعية.

كما ألزمت المحكمة المدعى عليه "مصرف البحرين المركزي" برسوم الدعوى ومصروفاتها، ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها إن المشرع أوجب على المصرف المركزي قبل توقيع أيٍ من الجزاءات أو التدابير الإدارية على المرخص له أن يوجه إليه إخطارًا كتابيًا يتضمن أوجه مخالفة المرخص له لأحكام هذا القانون أو لشروط الترخيص، والشواهد والدلائل الجدية التي تُرجِّح في تقدير المصرف المركزي وقوع هذه المخالفة، و الجزاء أو التدبير الإداري المزمع توقيعه على المرخص له، والمهلة المحددة للاعتراض على الجزاء أو التدبير الإداري المزمع توقيعه، على ألا تقل عن 30 يومًا من تاريخ الإخطار.

وأشارت إلى أن المشرع أجاز للمرخص له أن يعترض كتابة على ما تضمنه الإخطار، المشار إليه، خلال المدة المحددة فيه، على أن يكون الاعتراض مسببًا ومشفوعًا بما قد يؤيده من مستندات وأوراق ومعلومات وبيانات، وأنه يجب على المصرف المركزي بحث هذا الاعتراض وإصدار القرار المناسب بشأنه، على أن يخطر المعترض بهذا القرار خلال 30 يومًا من تاريخ تقديم الاعتراض.

وبينت المحكمة أن مقتضى ذلك ولازمه، أنه يتعين على المصرف المركزي قبل إصدار قراره بوضع المرخص له تحت الإدارة - كأحد التدابير الإدارية التي يملك توقيعها على المرخص له - مراعاة الإجراءات والضمانات والضوابط الشكلية، سالفة الذكر، بما يحول دون الانزلاق برقابته إلى حد إهدار الضمانات والحقوق المقررة للمرخص له؛ وذلك باعتبار أن هذه الضوابط والإجراءات والضمانات هي من مقومات القرار الصادر بوضع المرخص له تحت الإدارة، ولا يقوم هذا القرار إلا بها، ولا يكتمل بنيانه أصلًا في غيابها، وبالتالي يفقد بتخلفها مشروعية إصداره، فإذا خرج المصرف المركزي فيما يوقعه من جزاءات أو تدابير على الضمانات والحقوق التي قررها المشرع للمرخص له، بأن أغفلها أو أهدرها أو انتقص منها تحت ستار ممارسة دوره الرقابي المنوط به قانونًا، وقع قراره مخالفًا للقانون معيبًا بعدم المشروعية.

وأضافت أنه لما كان ما تقدم، وأخذًا وهديًا به، وكان الثابت من الأوراق أن المدعى عليه - مصرف البحرين المركزي - أصدر القرارين المطعون عليهما رقمي 38 و44 لسنة 2009 بوضع البنك المدعي تحت الإدارة، وتعيين مدير خارجي لإدارته، على سندٍ من القول بأنه في حالة إعسار، وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام المدعى عليه باتخاذ الضوابط والإجراءات التي رسمها المشرع قبل توقيع أي من الجزاءات أو التدابير الإدارية على البنك المدعي؛ إذ لم يوجه إليه إخطارًا كتابيًا يتضمن أوجه مخالفته لأحكام القانون أو لشروط الترخيص، والشواهد والدلائل الجدية التي ترجح في تقدير المصرف المركزي وقوع هذه المخالفة، و الجزاء أو التدبير الإداري المزمع توقيعه على المرخص له، و المهلة المحددة للاعتراض على الجزاء أو التدبير الإداري المزمع توقيعه، على نحو ما سبق التلميح إليه، ومن ثم فإن المدعى عليه يكون قد أهدر حق المدعي في الاعتراض على الجزاء أو التدبير الإداري المزمع توقيعه، على النحو الذي استلزمه المشرع وأوجب على المدعى عليه مراعاته، الأمر الذي يكون معه القراران المطعون عليهما - والحالة هذه - قد صدرا بالمخالفة لصحيح حكم القانون، ويكون النعي عليهما في محله، بما يتعين إلغائهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلغاء القرار رقم 38 لسنة 2009 بوضع البنك المدعي تحت الإدارة، وإلغاء القرار رقم 44 لسنة 2009 بتعيين مدير خارجي لإدارته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعى عليه المصروفات ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.

الجدير بالذكر ان القضية مرت بمراحل متعددة أمام المحاكمة فقد حكمت ذات المحكمة -بهيئة مغايرة-  بجلسة 29/6/2010، أولاً: بعدم قبول دعوى "بنك أوال" شكلاً بالنسبة للطعن على القرار رقم 38 لسنة 2009 لانتفاء القرار الإداري، ثانيًا: بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للطعن على القرار رقم 44 لسنة 2009 لرفعها بعد الميعاد، وألزمت المدعي مصروفات الدعوى.

لكن أن المحكمة وربطًا لإجراءات التقاضي توجز الواقعة في أن المدعي (بنك أوال) أقامها بموجب لائحة أعلنت قانونًا بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر عن المدعى عليه (المصرف المركزي) بوضع البنك المدعي تحت الإدارة المباشرة، وإلزام المدعى عليه بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

وحيث تم تداول الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، و بجلسة 29/6/2010 أصدرت الحكم المشار إليه أعلاه.

لكن بنك أوال لم يرتض ذلك الحكم، وطعن عليه أمام محكمة الاستئناف العليا المدنية الأولى، والتي قضت برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

وبعد الطعن تمييزًا على حكم محكمة الاستئناف العليا المدنية، سالف الذكر، أمام محكمة التمييز، فقد قضت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد.

وبجلسة 25/11/2015 قضت محكمة الاستئناف العليا الرابعة؛ وذلك بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول التظلم شكلًا، وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها من جديد.

وبناءً عليه وردت الدعوى للمحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) وتداول نظرها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، ولم يحضر البنك، وبجلسة 20/3/2016 قررت المحكمة شطب الدعوى.

وبتاريخ 29/1/2017 تقدم وكيل البنك بطلب إعادة فتح الدعوى قيد بقسم تسجيل الدعاوى، وبعد إعلان الخصوم بموعد الجلسة حضرت نائبة وكيل بنك أوال في الجلسة المحددة، كما حضر ممثل (المصرف المركزي) ودفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لتجديدها من الشطب بعد الميعاد.

وبجلسة 2/4/2017 حضرت نائبة وكيل البنك وقدمت مذكرة دفاع سلمت الحاضر عن المصرف المركزي نسخةً منها طالبة في ختامها أصليًا : الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 38 لسنة 2009 بوضع بنك أوال تحت الإدارة، وإلغاء ما تلاه من قرار رقم 44 لسنة 2009 بتعيين مدير خارجي لإدارة البنك، وما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطيًا: الحكم بإنهاء إدارة المدير الخارجي المعين لإدارة بنك أوال، مع إلزام المدعى عليه بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.