+A
A-

فاطمة المبارك: هل كان تواجدي في الكرادة قدرًا؟

عندما زرت الكرادة في مارس 2016 لم أتصور ان فاجعة بحجم هذه الفاجعة قد تقع، فلقد كانت الأمور تسير على ما يرام حتى وان كان في ظاهرها فقط.

كانت الحياة تسير طبيعية والناس كانوا يرتادون هذين المجمعين : الليث والهادي سنتر للتسوق وكنت ارتادهما انا ايضا معهم يوميا، نعم كانت هناك أسواق شعبية قريبة من المجمعين ومطاعم، المكان هنا مزدحم جدا ولكن الناس كانوا يمشون مطمئنين، هكذا كانت الكاتبة البحرينية فاطمة المبارك تتحدث مع "البلاد" بذهول وكأنها لا تزال تعيش تحت وطأة الصدمة، الزميلة فاطمة المبارك في كتابها الجديد "مأساة الكرادة مشاهدات وشهادات من بغداد" تحدثت عن أبعاد هذه المأساة بواقعية شديدة.

 

- حدثيني عن الكتاب وما الذي دعاك للسفر الى الكرادة؟

لدي أقارب ومعارف وصديقات بعضهم يعيش داخل الكرادة، والبعض الآخر في نواحي العراق.. الا انني سكنت في فندق بغداد المطل على نهر دجلة ومن خلفه المنطقة الخضراء لأتمتع بجمال المناظر رافضة ان اكون في احد البيوت.

عندما أفكر بكل ما حدث الآن اتسائل بيني وبين نفسي: هل كان تواجدي في الكرادة قدراً أراد به الله أن أكون شاهدة على ما سيحدث فيما بعد لأنقله للجميع؟

 

- هل كانت الأوضاع آمنة في بغداد؟

في الحقيقة لا، لقد كانت ظاهريا بخير الا ان الاوضاع كانت تغلي، كنت اضطر الى عبور اسلاك شائكة في احيان، او أعبر من تحت جسر للمتظاهرين في أحيان أخرى، واجهت ساعات من حظر التجول وانقطاع الانترنت كي لا نتواصل مع العالم الخارجي.

 

- كيف وصلك خبر المأساة؟ وكيف استطعت التواصل مع اهالي الشهداء؟

عشت الأيام الأولى للمأساة في انهيار تام ففي اول يوم من وقوع الحادثة وردني استشهاد اثنين ممن أعرف أهاليهم، كنت اتابع الأخبار التي تردنا بدموع.. فانا لا اعرف اقلق على من أو من.

اتصلت اتصالات هاتفية داخل الكرادة فكان الرد يأتيني بصعوبة، وعندما أتاني الرد لم استمع منهم سوى: الدنيا تحترق.

عشت على هذا الحال عدة أيام حتى قررت الكتابة وتوثيق كل ما حدث لي من يومي الأول هناك – والذي كنت في الأساس قد دونته اذ كانت فكرة كتابة كتاب عن بغداد موجودة لدي - حتى التقائي بأهالي الشهداء الذين كنت اتمنى وصولي اليهم بأي طريقة، والحمد لله لقد هداني الله لمكانهم عندما وجدت وانا اتصفح موقع الفيس بوك مجموعة تضم كل أهالي الشهداء وما ان اعلنت اليهم رغبتي في تواصلي معهم حتى انهالت علي مكالماتهم التي لا استطيع ان اصفها سوى بأنها كانت موجعة جدا فوق حد الوجع.

 

- كيف هي حالتك النفسية بعد هذا الكتاب؟

لقد عشت العذاب مرارا، كنت أحاول عدم البكاء وأنا تحاصرني دموع أهالي الشهداء من كل جانب، كنت عندما أحادث أم الشهيد أحاول ألا أبين اليها دمعي، نعم. كنت اشعر برهبة التحدث مع أم أو أب فقدوا ابنهم أو جميع ابنائهم، ولكن ما ان تنتهي المكالمة حتى أبدأ بالبكاء وحتى الصراخ فما كنت اسمعه منهم شخصيا كان كبيرا، ولازلت حتى اليوم أعيش وجع كلماتهم ومشاعرهم في داخلي.