+A
A-

الحياة جميلة... ولكن!

د.  خالد إسماعيل العلوي

 المشكلة:

أنا شاب أبلغ من العمر 18 سنة، تعرفت على فتاة جميلة وعلى خلق أيضا، وكانت علاقتنا لا تزيد عن السنة والنصف تقريبا. الصراحة أحببتها لأخلاقها ومن ثم لجمالها. مع الأيام أخبرتني بأنها تحب شخصا غيري، والغريب أنها صارحتني بأنها تحبه ولا تستطيع أن تنساه، والصراحة أنها صدمتني بهذا الكلام ولم أعرف كيف أرد عليها. 

وأخذت تحدثني عنه وعن تصرفاته وعرفت من كلامها أنه دائما يجرحها ويعذبها والغريب أنني أعرف الشخص الذي تحبه ونصحتها بترك هذا الشخص فهو يعرف كيف يلعب على البنات وردت علي بكل برود وقالت أحبه بعيوبه. 

للأسف كيف لهذه البنت أن تضيع عمرها مع هذا الشخص وهي تبلغ من العمر 17 سنة، وهو حتى اليوم يكلم أكثر من بنت بالهاتف وهي لا تعلم بذلك؟. حاولت مع الأيام أن أجعلها تنساه ولكن للأسف لم أستطع. صعب علي أن أنساها فقد أحببتها من كل قلبي ومستعد أن أضحي بعمري من أجلها. أريد حلا لمشكلتي، ماذا أفعل؟ كل يوم تزداد حالتي سوءا ولا أدري إلى متى يستمر هذا الحال. 

 

 الحل:

عزيزي الشاب (المهموم).. “ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”. لقد بدأت بهذه المقولة لكي أؤكد لك بأن الإنسان لا يأخذ من هذه الدنيا إلا نصيبه الذي كتبه الله سبحانه وتعالى له.. فمهما قلت أو سعيت أو تراجعت عن قرارك في لحظة ما.. سوف لن تحصل إلى على نصيبك الذي قرره لك الله سواء هذه الفتاة أو غيرها. 

ولكن يجب أن تعلم أنه إذا فاتك هذا النصيب الذي تبحث عنه وتصر عليه، فلابد أن يأتي يوم يعوضك رب العالمين بنصيب أفضل منه بكثير مما يجعلك تندم على كل لحظة تضيعها اليوم في إصرارك على هذه الفتاة التي قد تكون غير مناسبة لك كزوجة للمستقبل لاسيما أنها مرتبطة بشاب آخر.

ولعل الله سبحانه وتعالى يبعدك عنها الآن حتى وإن كنت تحبها وترغب إليها بعواطفك الجياشة دون استخدام عقلك في إصدار القرار المصيري، فاتعظ أيها الشاب بالآية الكريمة “وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”... نعم الآية الكريمة واضحة في معناها وتفسيرها... فلا ينبغي أن نصر على قراراتنا بشدة وتعسف لاسيما وأنك شاب متدين تعرف ربك ولم تتخل عن صلواتك بل إنك مداوم على كل الفروض كما يبدو من رسالتك، وأنت تعرف ربك في وقت الضيق... لهذا لجأت إليه في مثل هذه المحنة ولو أنني لا أطلق عليها محنة بقدر ما هي مشكلة بسيطة وعابرة إلا أنها تمثل الكثير لصاحبها، ولكن أعود وأقول لك ونعم الأخلاق الحميدة والتنشئة الصالحة وقلبك الصافي والنقي ونواياك الصادقة كما يبدو لي من محاولاتك ومساعيك الخيرة في حث الفتاة على العدول عن قرارها تجاه ذلك الشاب اللعوب إلا أن الحظ كما يبدو غير محالف لك في نظرك، بيد أني أرى الحظ معك بمجرد ابتعادك عن هذه الفتاة. دعها وشأنها تحدد مصيرها مع الشخص الذي تود الارتباط به. أما أنت فسيكون نصيبك أفضل كما بينت لك سابقا لأنك إنسان صالح تبحث عن الخير.. وهذا الصلاح من رب العالمين، فلا تستعجل على رزقك ونصيبك فهو آت إليك عاجلا أم آجلا، فكل ما عليك هو التحلي بالصبر والتوكل على الله.

وربما تكون هذه الفتاة مناسبة لك بإذن الله تعالى فقد تتراجع عن قرارها وتعيد النظر في علاقتها بذلك الشاب وتعرفه على حقيقته ومن ثم تختارك أنت لأنك الأفضل بعد أن تتحرى بنفسها عن ذلك وتقتنع تماما بذلك، فلا داعي لأن تقنعها أنت بأسلوبك فدعها تتخذ القرار المناسب بقناعتها الشخصية وبالأسلوب الأمثل في نظرها، وحاول أن تعزز موقفك بالصمت والصمود الرجولي حفاظا على كرامتك دون اللجوء إلى الأساليب الملتوية مثل تشويه سمعة الطرف الآخر أو التشهير أو الذم وما شابه ذلك.

وبعد هذا السرد من التحاور حول هذا الموضوع أرى أنكما ما زلتما صغيرين على الزواج والارتباط في هذه الفترة الحالية التي تحتاج إلى الكثير من الأمور التي لا مجال لذكرها الآن، إلا أنه لا بأس بأن تحفز نفسك على ذلك من خلال إنهاء دراستك الجامعية والالتحاق بالوظيفة ثم التهيئة للحياة الأسرية، وفقك الله في تحقيق مرادك وغايتك الحسنة أيها الشاب الصالح.