العدد 3122
الثلاثاء 02 مايو 2017
banner
الأمة في الاتجاه المعاكس
الثلاثاء 02 مايو 2017

أمة وصلت إلى الصين شرقا وفرنسا غربا بيد أبنائها دون غيرهم هي أمة لها من العظمة ما لغيرها، أمة لا يستطيع أحد أن يزايد عليها ويضعها في موقع لا يناسبها ولا يناسب قدرها ومكانتها، تلك هي أمتنا العربية الإسلامية التي فتح أبناؤها تلك الدول الشاسعة في أقل من قرن من الزمان، ثم يأتي من بين ظهرانيها من يتبجح بالتقليل من مكانتها والحط من قدرها ويراها أمة غير مؤهلة لمواكبة العصر ولا تستطيع العيش في زمن الديمقراطية والحرية، متناسيا أنه عضو منها حتى لو كان عضوا نشازا.

كان ذلك موضوع الحلقة السابقة من برنامج الاتجاه المعاكس الذي كان محوره الديمقراطية في الوطن العربي، إلا أن أحد المتحاورين كان متحاملا على أمته وكأنها أمة منتهية ولا فائدة منها، مع أن أداءه كان ضعيفا إلا أن طرحه كان مقززا لمن ينتمي لهذه الأمة العظيمة.

نحن نعي أننا نعيش مرحلة التخلف الديمقراطي في عصرنا الحديث، ولكن ذلك لا يعني أننا غير قادرين على السير في هذا الركب ومقارعة الآخرين بقدرتنا على الممارسة الديمقراطية، وفي نفس الوقت نفهم ويفهم غيرنا أن تخلفنا ليس نابعا من ذاتنا أو يدخل في تركيبتنا الجينية أو الدينية كما يحلو للبعض تصويره، بقدر ما هو مفروض علينا، ليس من الخارج فقط ولكن من بيننا ومن داخلنا وبيد الأنظمة الكثيرة التي مرت على هذه الأمة والقيادات التي كان همها الأول والأخير زرع ذلك التخلف ومنعنا من السير في ركاب التقدم.

ثم ظهر أخيرا من داخلنا أناس يرون في أنفسهم علوا على أمتهم ويظنون امتلاكهم قدرات يملكها غيرهم ويسيئون لهذه الأمة التي أنجبتهم، واعتقدوا  أنهم يسمون على غيرهم بما قالوه مع أنهم أساءوا لذاتهم قبل أن يسيئوا لأمتهم، فهم غير قادرين على الفهم بأن أمة فعلت ما فعلته أمتنا العربية على مدى تاريخها ليست أمة قاصرت وليست أمة ضعيفة أو متخلفة، والتخلف صفة بعيدة عن حقيقة أمتنا، بل هي صفة أوجدها شكليا في هذه الأمة أناس أرادوا لها أن تكون كذلك، وكانت مصالحهم مرتبطة بوجود هذه الصفة في هذه الأمة، لذلك عندما تتاح لأمتنا الفرصة التي كانت عند غيرها فإنها ستثبت لأعدائها في الداخل والخارج أنها أمة تعتز بذاتها وأبنائها المخلصين، وأنها أمة قادرة على تجاوز غيرها في السير إلى الأمام.

أريد لهذه الأمة أن تأكل ما لا تزرع وتلبس ما لا تصنع وعلى ذلك المتحدث أن يفهم أنه كلما أرادت هذه الأمة أن تسمو لتلبس صناعتها وتأكل زراعتها يخرج لها خونة الداخل وأعداء الخارج ليعيقوا مسيرتها، ولكن ذلك لا يفهمه إلا أصحاب العقول المتفتحة... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .