العدد 3128
الإثنين 08 مايو 2017
banner
شعب بلا صديق
الإثنين 08 مايو 2017

الصديق من أهم عوامل تخفيف المعاناة وتجاوز الأزمات وعبور المحن والصبر على الشدائد مهما كانت قسوتها وبلغت حدتها، فهو إن كان لديه العلاج، فلن يبخل به بل سيسارع إلى تقديمه وإن لم يكن حائزًا له فقد يرشد إليه ويدل عليه، فضلاً عما يمثله وقوفه بجوار صديقه من قوة واطمئنان وإحساس بالأمن والأمان.

وإذا كان من غير المتصور أن يعيش الإنسان بدون صديق في هذه الحياة، فإن القسوة ذاتها والألم الحقيقي هو أن يعيش شعب بلا صديق في هذا العالم، حيث إن هذا الشعب لن يجد من يفرح لفرحه، والأهم أنه لن يكون بجواره أحد إن كان في كرب أو ضيق، وإذا أردنا مثالاً لهذا الشعب، فعلينا أن ننظر لحال مسلمي الروهينجا الذين يتعرضون لإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية يرتكبها تحالف للشر ممن يفترض فيهم حماية البلاد والعباد وهم الجيش والشرطة البورمية، الذين يقومون بقتل المدنيين المسلمين، والاغتصاب الجماعي للنساء، وحرق البيوت والقرى على مرأى ومسمع من العالم دون ان نجد من يهب دفاعًا عن مسلمي الروهينجا باستثناء بعض الصيحات غير المدوية التي تصدر من هنا وهناك من باب القول إننا طالبنا وناشدنا واعترضنا ليس إلا.

مسلمو الروهينجيا لا يتمتعون بجنسية، وممنوعون من دخول الجيش ومن الحصول على وظائف أو حتى حقوق كالتعليم والسكن والعلاج وغيره، رغم أن من يرأس حكومة بورما تحمل جائزة نوبل للسلام لعام 2012، نفس العام الذي تعرض فيه مسلمو الروهينجيا لمذابح قتل فيها أكثر من مئتي شخص وشرد نحو 140 ألفا في معسكرات اعتقال.

في عام 2009، وصفت الأمم المتحدة وضع الروهينجا بأنهم أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم، أما عن الأسباب فلأنهم غير مرحب بهم في هذا البلد، كما لا ترغب الدول المجاورة في مساعدتهم بإيوائهم، ويعيشون في فرار دائم من مكان لآخر ويواجهون جرائم وحشية على يد قوات الأمن البورمية.

الروهينجا يقولون إنهم ينتمون إلى نسل التجار العرب والجماعات الأخرى التي وفدت إلى المنطقة قبل أجيال، فهل يا ترى يمكن أن نرى لهم أصدقاء من العرب يتبنون قضيتهم ويدافعون عن حقوقهم ويحاولون وقف الجرائم التي ترتكب بحقهم، أم أنهم سيكونون شعبا بلا صديق إلى النهاية؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية