+A
A-

فعاليات لـ “البلاد”: توقعات أن تصل إيرادات غرامات المرور لمليون دينار

بين مؤيد ومعارض، جاء التعديل على مبالغ المخالفات التي أقرها قانون المرور الجديد، فهناك من يراها سبيلا لوقف الاستهتار والتلاعب بالأرواح والممتلكات وهناك من يرى فيها إثقالا لكاهل المواطن، وهنا التقت “البلاد” بعدد من المسؤولين والمختصين بالدولة والمواطنين؛ لتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع.

من جهته توقع عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب جلال المحفوظ عبر “البلاد” أن تبلغ إيرادات الإدارة العامة للمرور قرابة نصف مليون دينار خلال السنة المالية وبما يعني تأمين قرابة مليون دينار خلال دورة الميزانية العامة للعامين 2015 و2016.

وقال”إن هذه الإيرادات التي تأتي معظمها من تحرير المخالفات واستحصال قيمة الغرامات المرورية، التي يجب استثمارها على نحو أفضل من أجل تعزيز السلوكيات المرورية الصحيحة بالمجتمع وإطلاق مشاريع توعوية شاملة تعزز من أهمية الالتزام بقانون المرور وضوابطه، وإن الغاية من تطبيق القانون خفض معدل الحوادث المرورية وتصويب السلوكيات الخاطئة وليس جباية الغرامات المالية وإرهاق ميزانية الأسر محدودة الدخل”.

وبين أن لجنة الشؤون المالية والاقتصادية وخلال اجتماعات مكثفة مع الحكومة توصلت إلى تفاهمات وتنسيق بشأن تعزيز إيرادات وزارة الداخلية بالميزانية العامة للدولة، وذلك من خلال الإدارة العامة للمرور.

ونبه إلى أن القانون رقم (23) لسنة 2014 بإصدار قانون المرور أوجد مدخولات للوزارة، وأن تلك الإيرادات المحصلة يجب إضافتها في بند الإيرادات العامة في مشروع قانون الميزانية العامة للدولة.

وأشار إلى أهمية سعي الإدارة العامة للمرور للوفاء بما ورد من ملاحظات بشأنها في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية.

ولفت إلى أن التقرير الأخير لديوان الرقابة المالية والإدارية أشار لعدم قيام وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف باتخاذ أي إجراءات للتأكد من صحة واكتمال إيراداتها من غرامات المرور، والتي بلغت حتى نهاية شهر أكتوبر 2015 قرابة 3.5 ملايين دينار.

وقال المحفوظ إن التقرير أشار إلى أن شؤون العدل اكتفت باستلام وحفظ مستند الإيراد الشهري المعد من قبل الإدارة العامة للمرور ومرفقاته كإيصالات الإيداع في البنك وكشوف الإيراد اليومي.

وأكد المحفوظ أن مجلس النواب أصغى بشكل كبير لحالة التذمر الشعبية بشأن تصاعد وتيرة تحرير الغرامات المرورية بالفترة الأخيرة، وأن ذلك قاد مجموعة من الأعضاء بالبرلمان لتقديم طلب مناقشة عامة، لمناقشة سياسة الحكومة بشأن تطبيق قانون المرور والإشكالات عن المخالفات المرورية وما تثيره من انعكاسات سلبية على المواطنين.

وثمن المحفوظ تجاوب زملائه النواب مع الطلب النيابي والحرص الحكومي على التواصل مع السلطة التشريعية؛ من أجل وضع النقاط على الحروف بشأن العديد من المشاكل والشكاوى التي تواجه المواطنين من تطبيق قانون المرور وما يتضمنه من غرامات.

من جانب آخر قال عاطف الشبراوي “إن المخالفة عبارة عن عقوبة لعدم الالتزام بالقانون وبالتالي يتم تحديد قيمتها بناء على نوع المخالفة ومدى خطورتها بغض النظر عن مستوى دخل مرتكب المخالفة”، وأضاف “يجب بدلاً عن ذلك التركيز على جدوى القانون ومدى تحقيقه لأمن وسلامة المجتمع، فأسعار المخالفات ليست دلالة على أي شي سوى رغبة واضعي القانون في حماية أمن وسلامة الطرق والسيطرة على معدلات الفوضى والمخالفات والحوادث”.

 وشدد الشبراوي على أن الطرق أصبحت تعج بالفوضى والمخالفين ولم يعد هناك وسيلة في التعامل مع خرق القانون سوى في تغليظ العقوبات ورفع أسعار المخالفات، وهذه السياسة تنتهجها دولاً كثيرة في مختلف العالم وليست بدعة محلية، وأشار إلى أن هذا التشديد أدى لنتائج مذهلة في كثير من الدول فمثلاً في دولة الإمارات أثمرت جهود وزارة الداخلية فيها في تعزيز مستوى السلامة المرورية، وتراجع عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير والمرور من (826) وفاة بالعام 2010 إلى (720) وفاة العام 2011 أي بنسبة انخفاض بلغت 13 % وخفضت المعدل بالنسبة لكل 100 ألف نسمة من السكان من 10 إلى 8.5، واستمرت في الانخفاض إلى 6.31 وفيات في 2014 ثم إلى 5.99 وفيات في 2015، وكل ذلك نتيجة تشديد الرقابة ورفع أسعار المخالفات مما ساهم في تغير سلوكيات السائقين.

وأضاف الشبراوي أن “الدولة ليست في حاجة إلى جعل المخالفات مصدرا من مصادر تنويع الدخل، وارتفاع مبالغ المخالفات لن يكون شيئاً دائماً؛ نظراً للأثر الفعال لهذه الأسعار على المدى المتوسط والطويل في خفض المخالفات والسيطرة على الفوضى، بل على العكس فإن القانون الجديد سوف يسمح للدولة بإحداث وفورات، إذ إن الفوضى والازدحام والحوادث في الشوارع هي أحد مصادر هدر الوقت والمال وكذلك تكلف ميزانية الدولة وشركات التأمين الكثير من المال في تغطية تكاليف الحوادث من حالات وفاة وإصابات وتدمير السيارات والأملاك العامة”، وأضاف “كشفت آخر الإحصاءات بالمملكة العربية السعودية عن أن تكلفة الحوادث المرورية بلغت 21 مليار ريال سعودي، إذ وقع خلال العام 1436 هجرية 5785 إصابة بليغة و1224 وفاة بالمنطقة الشرقية فقط”. وتابع حديثه قائلاً “ليس هناك أي علاقة بين التقشف وبين أسعار المخالفات، والجميع يعرف أن زيادة أسعار المخالفات تستهدف السيطرة على تداعيات الحوادث والأخطار، وتعكس الاهتمام بالسلامة والوقاية من الحوادث، وحفظ الأرواح والممتلكات”.

وأكد أنه سواء كانت الدولة في حالة تقشف أو لا فإن الحد من الحوادث والإصابات يمثل هدفا من أهداف الدولة في ضمان أمن وسلامة المجتمع، ومن الواجب إيقاف الجدل بخصوص قيمة الغرامة، فالأصل هو الامتثال للقانون، والقيادة الآمنة تستلزم احترام القواعد المرورية وعدم العبث بأرواح المواطنين.

وأشار إلى أنه تبعاً للعديد من الإحصاءات فإن القيادة المستهترة وعدم التركيز على الأخطاء الشخصية تسبب في الجزء الأكبر من الحوادث وهذه الأسباب لا ترتبط بقريب أو بعيد بالحالة الاقتصادية للدولة بل بسلوكيات الأفراد.

إلى ذلك، أكد المواطن ناصر العمري أن “الالتزام لم يتغير بعد تغيير قيمة المخالفات، فأنا من الناس الملتزمة بقوانين المرور من قبل تطبيق القانون الجديد، ولكن الحرص زاد لدي خوفا من الوقوع في مخالفة غير مقصودة أو ليست في الحسبان”، ويرى أن “الالتزام أصبح ملحوظا في الشارع بعد تطبيق القانون الجديد، خصوصا لدى فئة الشباب وهذا أمر جيد، ولكن البعض وصل فيه الحرص إلى الالتزام بدرجة المبالغة والتي قد تسبب أحيانا ازدحامات مرورية أو حوادث بسيطة بسبب تخفيف السرعة المبالغ فيه أو المتكرر في الشوارع المراقبة بالرادار أو التخفيف المفاجئ عند الإشارات الضوئية وذلك بسبب التخوف من الوقوع في مخالفة”.

وقال “أنا من الناس غير الملتزمين بالاطلاع إلكترونيا على صحيفة المرور الخاصة بي، ولكني سأضطر يوما ما لمعرفة هذا الأمر”، ويرى ناصر أنه قد يكون هناك تأثير للمخالفات على الجانب النفسي للشخص مما يجعله يحرص ويحذر من أي تصرف قد يخالف القانون. 

ووجه في ختام حديثه كلمة كلمة للإدارة العامة للمرور حيا فيها الدور الكبير الذي يقوم به رجال المرور في حماية مستخدمي الطرق، حتى صارت مملكة البحرين من أفضل الدول في نظام المرور، وأكد أن من سافر وقاد السيارة في بلدان أخرى سيدرك النعمة التي نحن بها بفضل جهود رجال المرور.

 وقال “إننا متأكدون من أن الهدف الوحيد من هذا القانون الجديد حماية مستخدمي الطرق، والحفاظ على الذوق العام في القيادة، لذلك نتمنى من الإدارة العامة للمرور أن تضع حلاً لمسألة الإشارات الضوئية التي يشتكي البعض من سرعة تغير الإشارة من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر بطريقة تربك قائدي المركبات، سواء عن طريق وضع أرقام، أو إطالة فترة ظهور اللون الأصفر، أو التدرج في تغير الإشارة من الأخضر كما هو معمول به في بعض الدول المجاورة، وهذا الأمر سيساعد الراغبين في الالتزام بالقواعد المرورية، وسيقلل من عملية الارتباك والوقوف المفاجئ”.

وناشد العمري المرور تخفيض بعض الرسوم الاعتيادية مثل تجديد رخصة القيادة أو بدل فاقد التي قد تصل لثلاثين دينار، ومساواتها برسوم بدل فاقد البطاقة الذكية.

وتمنى أيضا من المرور “زيادة سقف السرعة في شارع الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة (الهايوي) للتخفيف من عملية الازدحام، خصوصا أننا في عصر تطورت فيها السيارات بشكل كبير عما كانت عليه قبل 20 عاما، وأصبحت أكثر أماناً وطوعاً للتحكم والسيطرة”.

من جهتها قالت فاطمة المهزع “التزامي بالقانون لم يختلف؛ لأنني بدأت تدرب السياقة مع مدربة تحرص على التزامي بالقانون واحترام السرعة وارتداء حزام الأمان؛ وذلك حفاظاً على سلامتي وأنا من الملتزمات بالقانون، وعندما علمت بوجود قانون جديد فرحت كثيراً، علماً أنني لم أحصل يوما على مخالفة مرورية”.

وأضافت “فرحت بالقانون لأني كنت أتمنى رؤية جميع السائقين ملتزمين بالقانون”، وأكدت أن “من الواضح أن الناس يطبقون القانون خوفا من المخالفات وليس من باب الالتزام وأن أساليب التخويف ليست الأمثل فيجب أن تحل التوعية محلها”.

وفي سياق ذي صلة، أوضحت الطالبة نوف الكويتي مدى التزامها بعد إصدار القانون الجديد؛ لأن العقوبات كثيرة خصوصا فيما يخص بتجاوز السرعة القانونية، وأضافت أن الجميع أصبحوا ملتزمين في الشوارع بسبب هذه القوانين وليس هناك إلا فئة قليلة جداً مازالت تخالف وكأنها تعاقب نفسها بنفسها.

وقالت “سبق مخالفتي في طريقة جامعة البحرين وكان سعر المخالفة 50 دينارا نتيجة تجاوز السرعة المحددة للشارع، ولكنها أثرت على نفسيتي وجعلتني التزم بسبب المبلغ الذي دفعته”، وفي نهاية حديثها قالت “أحب أن أشكر جميع القائمين بالإدارة العامة للمرور للمحافظة على سلامتنا خصوصا أبي جهاد الكويتي؛ كونه المصدر الأساس الذي جعلني التزم بالقوانين وأعي مدى ضرورتها”.

من جانب آخر، قال عيسى الرومي “من ناحية الالتزام فأنا ملتزم بسرعة الشارع ولبس الحزام ولكنني أيضا أتمنى إعادة النظر في السرعة المحددة لبعض الشوارع وقيمة المخالفات المرورية؛ وذلك لأن الناس لديهم التزامات كثيرة وضغوط من النواحي المادية، وتم مخالفتي من قبل في سوق المنامة وأثرت على ميزانيتي بصراحة كوني شابا ولدي أسرة صغيرة وأًصبحت حذرا جداً من أن أخالف وتختل ميزانيتي”، وأضاف “أنا أرى أن تطبيق القانون أمر جميل من ناحية الحفاظ على أرواح الشباب ولكن يجب الموازنة بينه وبين مدخول معظم أبناء الوطن، وذلك بتقسيط مبالغ المخالفات الكبيرة”.