غضب شعبي متصاعد إزاء مجلس النواب في دورته الحالية.. سخط وتعليقات ساخرة على الأخبار والتقارير الإعلامية عن تغطيات المجلس وجدول أعماله. ولا تزال الذاكرة البحرينية تستحضر “الهجمة الشرسة” التي أطلقها مغردون مستاءون من مواقف برلمانيين على “تويتر” وانتهت بتقديم شكاوى “سب” و”قذف” إلى النيابة العامة.  

وأظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة محلية في النصف الثاني من العام 2016 أن قرابة 83 % من المواطنين يرون أداء النواب “ضعيفاً”، مسجلاً قفزة في المشاعر السلبية إزاء المجلس المنتخب، إذ لم تتعد نسبة المحبطين حاجز الـ50 % في استطلاع نفذته ذات الصحيفة عن الدورة السابقة.     

حالة اجتماعية غاضبة مدفوعة بعجز المجلس عن كبح عجلة الإجراءات التقشفية المرافقة لظروف اقتصادية صعبة وسط انخفاض حاد وطويل المدى لأسعار النفط، وتصاعد غير مسبوق لحجم الدين العام الذي تشير التقديرات إلى تجاوزه 9 مليارات دينار. 

وعوضاً عن تقديم حلول واقعية تجسر الهوة بين المصروفات والإيرادات في الميزانية المرتقبة، وتشكيل رؤى وتصورات تسهم في لجم الدين العام دون الإضرار بالفئات الأقل حظاً، انتهج بعض النواب سياسة (الهروب إلى الوراء) وشرعوا في تقديم مقترحات قانونية ورغبات للحكومة، لا أمل لها أن تبصر النور أبدا، ولكنها  تهدف إلى دغدغة مشاعر شريحة من ناخبيهم أملاً في  الحصول على أصواتهم خلال الدورة الانتخابية المقررة العام المقبل. 

آخر هذه المقترحات هو فرض الزكاة على الشركات والمؤسسات الاقتصادية الناشطة في المملكة والذي تقدم به أحد النواب قبل أيام، ولست بصدد مناقشته في هذا المقال.

القطاع البنكي هو الآخر لم يسلم من المقترحات “البناءة”.. وأَجل النواب في جلستهم الأخيرة وبطلب من رئيس اللجنة المالية والاقتصادية اقترحاً بقانون يقضي بحظر الفوائد الربوية، وهو ما يعني -إن نُفِذ- انهيار القطاع المصرفي الذي أسسته الدولة وقُدمت له كل الدعم والرعاية على امتداد عقود، والذي يشكل اليوم ما نسبته 17% من الناتج المحلي الإجمالي، ليكون أنموذجاً ناجحاً على مستوى المنطقة ومميزاً على مستوى العالم.  

وبعيداً عن السمعة والمردود المالي والاقتصادي، يُشكل قطاع البنوك موطنا ومصدر رزق لأكثر من 5 آلاف بحريني يعيلون أطفالاً ويتحملون مسؤولية أسر، وجلهم لا يعرف أي عملٍ أو حرفه خارج هذه المؤسسات، علاوة على أن الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية متوفرة لكل راغب ومفضلٍ. 

يدرك المراقب أن المقترح قيد النقاش لن ينفذ أبداً، وقد يوأد قبل أن يولد، عبر آليات دستورية تحصن هذا البلد من المغامرات والمزايدات، ولكن نوابا ما زالوا مصرين على إهدار الوقت والضغط على الجهات الحكومية لبحث أمور لن تصل بنا لأي جهة.