العدد 3132
الجمعة 12 مايو 2017
banner
الكراهية وآفاق التسامح الإنساني
الجمعة 12 مايو 2017

الكراهية سلوك وظيفي بنيوي مُعقد لدى الإنسان، تتصاعد حدته وتقوى شدته نتيجة جملة من الأسباب، قد تكون سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية أو دينية، ويصل هذا السلوك إلى نتائج سيئة سواء لحامله أو مَن سيوجه ضده، والكراهية ضد الآخر تكون نتيجة انخفاض الوعي الإنساني وغياب قيم التسامح والتعايش مع الآخر، وهو سلوك لم يولد مع الإنسان بل تشكل معه نتيجة ظروف معينة أو أسباب ليست لها علاقة بخلق الإنسان، حتى صارت الكراهية عند البعض كالملح في الطعام وانعكست على سلوكهم العام وطريقة حياتهم وتعاملهم مع الآخر. 

إن بعض الجماعات تعمل على جعل الكراهية مادة مُتقدة للانفجار وتدوير الأحداث لمصلحة جهة دون أخرى من خلال استغلال المشاعر وتوجيهها توجيهًا مقصودًا لتفتيت المجتمع وهدمه ليسقط سقفه على الجميع. لأن الكراهية تصور أن البعض يكره الآخر، وتكرس المفهوم الديني لدى الأفراد بسبب المفهوم الخاطئ للدين، وتوهمهم بأن النزعة المذهبية الطائفية مصدر قوة ومكمن الأمان النفسي، وهو تفسير خاطئ للالتزام المذهبي لأي دين، وهذا التفسير يُعبد الطريق نحو التعصب وصنع الكراهية المُتبادلة التي تدفع أصحابها نحو الهوية الطائفية وتجتث منهم الهوية الوطنية.

إن ثقافة الفكر والالتزام الديني الصحيح تمنح الإنسان أمان الإيمان والإحساس الطيب بالعيش مع الآخرين، بل تعد طريقا ثابتا لاجتثاث الكراهية تجاه جميع الخلق دون استثناء، وإن نهاية الكراهية في كل مجتمع محتومة كونها صفة غير سوية في نفس كل إنسان، وستحل مكانها الثقة بين البشر، والوطنية بدل الطائفية، والمودة بدل الخصومة، وبذلك ستحل قيم التسامح والتعايش محل الكراهية ومساوئها. 

إن الإنسان السوي قادر على نبذ الكراهية والتعايش مع الآخر في نبل التسامح والمحبة، فالتسامح إحساس ينبع من العقل ويحترم كل الآراء، والتسامح سلاح ضد التعصب ويقر بامتلاك الآخر رأيه وهو ما يُعزز الحوار الإيجابي مع الرأي المُختلف دون اللجوء إلى العنف أو الإقصاء، ويعمل على تحقيق مجتمع قوي وفاعل.

 علينا كأفراد أن نُربي أبناءنا على قيم التسامح ونبعدهم عن الكراهية وتداعياتها، وأن نصغي جميعًا للآخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .