العدد 3137
الأربعاء 17 مايو 2017
banner
الاستثمار في الثقافة... عودة أخرى
الأربعاء 17 مايو 2017

الاستثمار في الثقافة، هو أن تصبح الثقافة مصدر دخل للدولة بدلاً من أن تكون مصدر عجز، ومثال ذلك السينما والمسرح والموسيقى ونشر الكتب وهذه صناعة متقدمة تدر الملايين، وفي الوقت ذاته تدفع بالثقافة نحو العالمية، هل كانت هوليوود وبردوي ومؤسسات النشر العالمية وعالم الموسيقى، هل كانت هذه العوالم منذ البداية مثل هذا الحجم؟ هل كانت كل هذه القطاعات في البداية نفس ما هي عليه اليوم؟ بالطبع لا، ولولا العقلية الاستثمارية التي جعلت من الثقافة تجارة وصناعة، ما بلغوا ذلك، وهذا لا يقلل من قيمتها بل يرفدها بالديمومة والتطور لتساعد على الارتقاء بالحياة من حولنا.

منذ زمن وليم شكسبير كانت الثقافة في العالم الغربي عبارة عن تاريخ متواصل في المسرح، فالمسرح الإنجليزي كان بمثابة بوابة الفن والأدب والتمثيل والموسيقى ولهذا سمي المسرح بأبي الفنون لأنه جمع فيه هذه القطاعات معاً، منذ ذلك الحين استثمرت بريطانيا في المسرح كما استثمرت فرنسا وألمانيا وأميركا وروسيا وغيرها من الدول في القطاع الثقافي حتى أصبح هذا المجال بمثابة عالم متكامل من الصناعة والتجارة والفن والثقافة للجميع.

لا أسعى للمقارنة بيننا وبين هذه الدول وخصوصا أنه لا توجد صناعة مسرح أو موسيقى أو سينما بمعناها الاستثماري ولكن لكل شيء بداية ولو لم تكن عقليات الناس في تلك الدول تدرك التطور وتفهم الآلية التي تحكم التطور ما بلغوا ما بلغوا من نتاج ثقافي كالذي نشهده اليوم هناك، إذا لابد من وجود بداية والبدايات تبدأ من التفكير الإبداعي السليم الذي لا يعتمد على مجرد عقليات إدارية محنطة تتحرك في مساحة لا تتعدى حدود أقدامها وترى في الموسيقى حراما وفي السينما حلما لا يمكن مجرد التفكير به فما بالك بالاستثمار، حتى المسرح الذي كان قبل ثلاثين عاماً له حضور وديمومة أصبح اليوم مجرد عروض تجارية عابرة في المناسبات، بينما كان بالإمكان دعمه وتطويره والاستثمار في مجاله ليصبح تجارة وصناعة.

عالمنا عالم استهلاكي للأسف، نستورد الأفلام السينمائية للعرض ولكن ليس لنا أي دور في إنتاجها، نستورد الموسيقى، وحالة الكتاب عندنا حدث ولا حرج، أنجح رواية قد لا يُطبع منها أكثر من ألفي نسخة، هذه إذا كانت قد خرجت من نطاق المحلية، قس على ذلك بقية الفنون والآداب التي تبدو مجرد أسماء لا وجود لها في حياتنا اليوم كمجتمعات حضارية يفترض فيها أن تتطور وتواكب ما يحدث في العالم من حولنا.

من المسؤول عن هذا التخلف الثقافي؟ موضوع طويل وشاق وحده بحاجة لوقفة مؤلمة تكشف مدى توقفنا عن الإبداع الذي لا ينفصم عن الاستثمار في الثقافة.

تنويرة:

 الصمت لغة أجنبية لا نتقنها حتى ندرك أنها لا تحتاج لمعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .