العدد 3137
الأربعاء 17 مايو 2017
banner
هجرة العقول العربية (2)
الأربعاء 17 مايو 2017

الآثار السلبية لهجرة العقول والكفاءات العربية إلى الغرب تبرز في جانبين، الأول: عدم استفادة دولهم الأصلية من مهاراتهم الفكرية والمعرفية وهو ما ينعكس سلبا على شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، حيث تتسبب هجرة الكفاءات في ضياع جهودها الإنتاجية والعلمية وتقديم فائدتها إلى الدول المستقبلة، في الوقت الذي تحتاج فيه التنمية العربية إلى مثل هذه العقول، التي هي عادة ما تكون أفضل العناصر القادرة على الإنتاج الفكري والعلمي والاختراع والابتكار داخل العالم العربي. 

أما الجانب الثاني فهو التكلفة المالية التي يتكبدها الوطن العربي جراء تأهيل وتعليم هؤلاء المهاجرين إلى حدود موعد هجرتهم، بينما تكسب الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وبعض دول أوروبا الغربية الملايين من الدولارات نتيجة هجرة العقول والكفاءات إليها، فإن هذه العقول والكفاءات لم تكلف هذه الدول المضيفة شيئا في تنشئتها وتدريبها. إن خير من لخص هذه الظاهرة الخطيرة هو المفكر والكاتب “نايف كريم”، بقوله: “ليس الدم وحده هو الذي ينزف في الوطن العربي، بل إننا نعاني نزيفا أعمق وأخطر وأشد إيلاما، إنه نزيف الأدمغة، ومكمن الخطورة في هذا النزيف القاتل أنه يتم بهدوء من دون ضجيج كالذي يثيره نزيف الدماء مع أن آثاره أشد وطأة على مستقبل الوطن العربي، وتصيب أضراره كل مواطن عربي لعدة أجيال”. 

يعتبر الرأسمال البشري من أهم الثروات الطبيعية لأي بلد، والبلدان التي تطورت سياسيا واقتصاديا وعلميا واجتماعيا (أي تفوقت حضاريا على الآخرين)، هي البلدان التي نجحت في استثمار مواردها البشرية، واستقطبت الكفاءات البشرية من دول العالم الأخرى، بينما فشلت الثروات الطبيعية الأخرى كالنفط والغاز في كثير من البلدان، التي من ضمنها البلدان العربية، في تحويل البشر الى قوة منتجة إذ لم يتم استغلالها وتأهيلها من أجل ذلك الهدف. يجدر بأنظمة الحكم العربية أن تحتذي بتجربة “الحكومة الهندية” التي استطاعت جذب الكثير من العقول الهندية المهاجرة بعد أن هيأت لها المناخ العلمي المناسب، واستطاعت أن تحقق دخلا سنويا يزيد على 12 مليار دولار أميركي من البرمجيات فقط. آخر الكلام: يركز الأكاديميون العرب المهاجرون على العامل السياسي كأهم عامل طارد للعقول، حيث يقولون إن ظلم الأنظمة السياسية لأصحاب العلم والمعرفة يدفعها لاتخاذ إجراءات قمعية ضد العلماء والمفكرين والأكاديميين والمثقفين، من أجل طردهم تحت مظلة الهجرة الطوعية. «إيلاف».

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية