العدد 3143
الثلاثاء 23 مايو 2017
banner
زواج الأطفال .. وداعًا
الثلاثاء 23 مايو 2017

البحرين شهدت 10 حالات لزواج قاصرات أعمارهن أقل من 16 عامًا في 2016... عنوان لتصريح مؤلم أدلى به القاضي بمحكمة الاستئناف الشرعية العليا عبدالرحمن الشاعر للزميلة “الوطن” قبل أيام.  

القاضي الشاعر أكد أن المحكمة تعمد إلى التحقق من رضا الفتاة بالحديث معها بعيدًا عن حضور أبيها أو وليها، وكذلك “تنظر لهيئتها للتأكد إذا ما كانت امرأة مكتملة النمو أم ما زالت طفلة”.      

أعتقد جازمة إن التصريح المقتضب لم يكن قاسيًا وموجعًا للمهتمين والمعنيين بتطوير حقوق المرأة والطفل، والمجتهدين لتحسين واقع الأسرة في مجتمعنا فحسب، بل تعداهم ليشمل العاملين والمشتغلين بسلك القضاة والعدالة أيضًا.  

فكثير من القضاة ورجال الشرع الذين مارسوا الأبوة واختبروا معانيها تؤلمهم فكرة مغادرة فتاة (في ربيعها الـ13) صفها ومدرستها لتتحمل مسؤوليات وأعباء زوج وأطفال ومسكن.      

تزويج القاصرات البحرينيات العشر استند إلى المادة 18 من قانون الأسرة (الشق السني) والتي تشترط أن “تزوج الصغيرة التي يقل سنها عن ست عشرة سنة بموافقة المحكمة الشرعية بعد التحقق من ملاءمة الزواج”. 

القراءة العامة لمشهد تزويج الفتيات القاصرات في البحرين تظهر أن القضاة الأجلاء ليسوا ملامين بما ينتجه المجتمع من حالات، فهم معنيون أساسًا بإنفاذ القانون، ومزاولة التقدير الحذر وفق الصلاحيات الممنوحة إليهم.  

غير أن ما يُوجبه التشريع النافذ حاليًّا من ضرورة “ملاءمة الزواج” لا يحد من المخاطر الصحية العالية التي تواجه الفتاة والرضيع نتيجة الولادة في سن صغيرة (أقل من 20 سنة)، وذلك وفق بيانات رسمية صادرة عن منظمة الصحة العالمية.

ويدرك كثيرون أن استمرار تزويج القاصر لا يتناسب مع جوهر ومبادئ اتفاقية حقوق الطفل، ولا يتسق مع ما تبذله المملكة من جهود لتطوير واقعها التشريعي والحقوقي، وبات لزامًا التحرك لوقف هذه “الزيجات” وإن كانت محدودة. 

تجدّد الأنباء عن حالات “زواج قاصرات” يحملنا للنظر بإمعان لمشروع قانون الأسرة الموحد الذي تقدم به شوريون، ويحمل بطياته فرصة ذهبية للحد من هذه الممارسات، ويضمن وقف تزويج الأطفال في أدنى تقدير. 

قانون الأسرة المقترح، الذي لم يحظ بالفرصة لمناقشة بنوده إعلاميًّا ومجتمعيًّا نتيجة ما شنّ عليه من هجوم سريع من قوى محافظة، يحمل بداخله نصًّا جميلاً يمنع زواج الطفلة دون السادسة عشرة منعًا باتًّا تحت أي ظرف أو شرط، ويضع الأمر بيد المحكمة إذا ما كان عمر الفتاة بين 16 و18 عامًا.  

وعليه، فقد تكون نصوص القانون (قيد الدراسة) ليست الأفضل والأمثل والأنسب لأسرة بحرينية معاصرة بما تواجهه من صعوبات وتحديات، ولكن إقراره يأخذنا خطوة جديدة ثابتة نحو مستقبل أكثر إنسانية.   

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية