+A
A-

هل أنقذ رفع الفائدة الجنيه المصري من انهيار محتمل؟

 

حالة غضب تجتاح الأوساط الاقتصادية المصرية جراء خطوة البنك المركزي رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس دفعة واحدة لما لذلك من تأثير سلبي على الاستثمار نظرا لارتفاع تكلفة الإقراض بصورة كبيرة.

ولم تقنع مبررات البنك المركزي رجال الأعمال والاقتصاديين في ضوء أن معدلات التضخم التي تشهدها الأسواق حاليا ناتجة عن تعويم الجنيه وليس نتيجة زيادة الطلب على السلع.

ولكن يبدو أن هناك مبررات أخرى لم يذكرها البنك المركزي يمكن أن تكون أكثر إقناعا تتعلق بالجنيه المصري واحتمالات تدهوره بصورة أكبر خلال الأشهر القادمة مع استمرار تراجع الإيرادات من العملة الصعبة من السياحة والصادرات.

وكان البنك المركزي قد رفع سعر الفائدة على الودائع لأجل ليلة واحدة إلى 16.75 % من 14.75% ورفع سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة إلى 17.75 % من 15.75 %.

وأرجع البنك المركزي قراره إلى محاولة السيطرة على التضخم السنوي والوصول به إلى مستوى في حدود 13 % في الربع الأخير من 2018.

وقفز التضخم السنوي إلى أعلى مستوى له في ثلاثة عقود بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي وسجل 32.9% في إبريل الماضي.

يقول هاني جنينة رئيس قطاع البحوث في بلتون فاينانشال سابقا إن نسبة النقد المحلي إلى صافي الأصول (أو المطلوبات) الأجنبية هي نسبة لابد أن لا نغفل عنها عند تقييم قرارات البنك المركزي في هذه الظروف الاستثنائية.. باختصار، عندما يطارد النمو المتزايد في النقد المحلي موارد محدودة من الدولار النتيجة لابد أن تكون انهيارا في سعر الصرف "Too much EGP chasing too few dollars".

وأضاف أن مجموع الجنيه المصري في صورة عملات معدنية ورقية مضافا إليها الودائع بالجنيه المصري في البنوك ارتفع بحوالي 130 مليار جنيه منذ التعويم وحتى آخر مارس، وفي نفس الفترة، انخفض صافي المطلوبات الأجنبية في القطاع البنكي (البنك لمركزي والبنوك التجارية الـ39) بحوالي 147 مليار نتيجة الزيادة في الأصول الأجنبية لدي البنك المركزي. ولكن كما يعلم الجميع فإن 90٪‏ أو أكثر من هذه الزيادة كانت نتيجة التدفقات قصيرة الأجل في أذون وسندات الخزانة وليس من موارد مستدامة.

ويرى جنينة أنه إذا أخرجنا الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومي من المعادلة، فإن قيمة صافي المطلوبات الأجنبية (net foreign liability position of the banking system) لم تتغير تقريبا من أعلى مستوى لها تاريخيا في حين أن عمليات الإقراض والإيداع اليومية للبنوك (money multiplier) أضافت 130 مليار جنيه للسيولة المحلية. لو استمرت معدلات الارتفاع في السيولة المحلية على هذا النمط بدون ارتفاع موازي في تدفقات العملة الصعبة (المستدامة)، ستنهار العملة المحلية مرة أخرى في نهاية العام.

وبالتالي، وبما أن مصر تتعرض إلى شبه حصار يمنع عودة التدفقات الدولارية بصورة طبيعية، البديل هو كبح جماح السيولة المحلية مؤقتا حتى لا تختل الموازين.

ويقول غير المتخصصين إن سعر الفائدة ليس سعرا يوضع على شاشات البنوك بأمر البنك المركزي ولكنه سعر يعكس العرض والطلب للجنيه وفي هذه الحالة ورغم ارتفاعه منذ نوفمبر ولكنه ما يزال يعكس نموا قويا في معروض الجنيه المصري مقارنه بشبه ركود في مصادر العملة الصعبة المستدامة.

ويؤكد جنينة أن تحليله ليس دفاعا عن قرار ولكن أسلوب تحليل اعتمد عليه كثيرا في وضع رؤيته لتحركات سعر الصرف.