العدد 3150
الثلاثاء 30 مايو 2017
banner
صندوق النقد وتجميد الأجور
الثلاثاء 30 مايو 2017

يرى المختصون والمتابعون أن الديون السيادية للدولة أو ما يعرف اختصاراً بالدين العام في البحرين يشكل التحدي الاقتصادي الأول أمام الحكومة والمجتمع بعد بلوغه معدلات قياسية تقارب الـ 9 مليارات دينار وبنسبة تتجاوز الـ70 % من الناتج المحلي الإجمالي.   

وباعتبار أن هذه الديون ليست شخصية، فإن عملية حسابية بسيطة ستظهر أن حصة الفرد من الدين العام تعادل 6400 دينار لكل شخص يعيش على الأرض الطيبة (مواطنًا كان أم مقيمًا، رضيعاً كان أم شيخاً).

النقاش بشأن الآلية الأمثل للحد من الدين العام يرتفع الآن تزامناً مع الجهود والتحركات الحكومية البرلمانية لإقرار ميزانية جديدة للمملكة عن العامين 2017 و2018، ويترافق معه حديث معلن عن دراسة توصيات صندوق النقد الدولي للبحرين بهذا الخصوص.

ولمن لا يتابع مواقف المنظمة الدولية، فإن اقتراحاتها لخفض الدين العام وبناء اقتصاد بحريني مستقر تتلخص في حث الحكومة على تجميد أجور موظفي القطاع العام، وغض النظر عن ما يواجهه هؤلاء من زيادة مطردة فصلية وسنوية في أسعار السلع والخدمات.

وفي ذات الإطار، فإن صندوق النقد الدولي الذي يتخذ من العاصمة الأميركية واشنطن مقرا، يدفع الحكومة البحرينية نحو خفض الدعم الاجتماعي الذي يقدم للأسر المحدودة الدخل وكذلك تقليص الدعم المقدم للسلع والخدمات.

ووفق لمبادئ منظمة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فإن أسعار السلع والخدمات يجب أن لا تحدد مسبقا لتناسب الحد الأدنى للأجور ومعاير الحياة الكريمة، بل الأفضل أن تترك لآلية العرض والطلب، ليحدد السوق أثمانها.

وعليه، فإن البحريني يجب أن يشتري وحدة الكهرباء ولتر البنزين وفق أسعار الأسواق العالمية، دون النظر لحجم دخله أو كونه مواطنا في بلد يمتلك مورد النفط الذي يعد مكونًا أساسًا لإنتاج السلعتين الأساسيتين.

وعلى ذات النهج، جاءت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد للمنطقة قبل عام لتحض البحرين ودول الخليج على فرض ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة نظير استهلاك الشخص للسلع والخدمات، ويتحملها المواطن بشكل غير مباشر وإن كان من فئة محدودي الدخل. 

وتجاهلت لاغارد أثناء زيارتها الحديث عن ضرورة فرض ضريبة على إيرادات الشركات والمجموعات الاستثمارية والبنوك التي تجني مئات الملايين أرباحاً صافية سنوياً وتستفيد من ما تقدمه حكومات دول الخليج من بنية تحتية وتشريعية وتسهيلات دون دفع أي ضرائب تذكر.

توصيات مديرة صندوق النقد الدولي لدول الخليج تتناسب مع مواقفها المتفائلة والسعيدة بتحولات الاقتصاد العالمي رغم ما يحمله من زيادة سنوية في أصحاب الثروات والمليارديرات وتنامي مطرد لأعداد الفقراء والمهشمين.

لا شك أن البحرين بحاجة لاتخاذ خطوات سريعة للجم الدين العام وتلافي دخولنا في دوامة المؤسسات الدولية بما تفرضه من شروط واتفاقيات صعبة لإقراض الدول، غير أن أي إجراءات ستتخذ يجب آلا تفرض تحديات وتضحيات جديدة على الفئات الأقل حظاً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .