العدد 3151
الأربعاء 31 مايو 2017
banner
متى تقع الحرب ضد إيران؟ (2)
الأربعاء 31 مايو 2017

بدا واضحاً أن قمة الرياض وفرت بعداً جديداً لدى الإدارة الأميركية، يتمثل في فهم أفضل للعالم الإسلامي، وهو ما شدد عليه وزير الخارجية الأميركي بقوله “لدينا فهم أفضل الآن للدين الإسلامي الحنيف من خلال وجودنا هنا في بلد الحرمين الشريفين، وأعتقد أن الأمر مهم بالنسبة لنا، ونأمل جميعاً أن المسلمين في المجتمعات الإسلامية يعرفون أن الشعب الأميركي لديه الاهتمامات نفسها”. ولعل أكثر ما يشغل بال الكثيرين الآن على خلفية بناء تحالف دولي ضد إيران هو: هل المنطقة بصدد مواجهة عسكرية ضد إيران؟ أو بالأحرى متى تقع الحرب ضد إيران؟ الجواب أن تحليل مضمون خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قمة الرياض، وفهم توجهاته وبؤر تركيزه الأساسية منذ تولي منصب الرئاسة، أمور تشير إلى استبعاد سيناريو المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، وميل واشنطن إلى العمل وفق مسارين أساسيين أولهما مساعدة الحلفاء الخليجيين في حماية أمنهم القومي والتصدي للتهديدات الاستراتيجية، والثاني هو الميل الأميركي للعودة إلى مبدأ عزل مصادر التهديد واحتوائها، أي صيغة شبيهة باستراتيجية الاحتواء التقليدية، التي سادت العلاقات الأميركية الإيرانية لسنوات طويلة مضت، مع تطوير هذه الاستراتيجية لتصبح أكثر فاعلية وتأثيراً، بالاستعانة بدول العالم الإسلامي في عزل إيران دولياً للضغط عليها لتغيير سلوكها السياسي والتخلي عن نهج التدخل في شؤون الدول الأخرى. وفي هذا الإطار كان وزير الخارجية الأميركي تيلرسون واضحاً عندما دعا إيران إلى احترام حقوق الجوار بوقف نشاطاتها المستمرة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة ودعمها الميليشيات في الدول المجاورة. وأعرب عن أمله أن تعود القيادة الإيرانية إلى طاولة المفاوضات، مشدداً على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي مواقف حازمة وفعالة بعدم قبول سياسات إيران ودعمها الإرهاب وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها والتعامل معها في البلدان التي لها حضور عسكري فيها. من ناحية أخرى لا يبدو أن المملكة العربية السعودية تميل إلى فتح جبهة صراع عسكري مع إيران، فالمملكة تتبنى رؤية تنموية طموحة خطط لها الأمير الشاب ولي ولي العهد محمد بن سلمان، ولا يمكن الجزم بأنها تفكر في المبادرة بخوض صراع عسكري مع نظام الملالي الذي تدرك القيادة السعودية أنها تمنحه فرصة ذهبية “أو قبلة حياة” مجانية حين تتيح له فرصة فتح جبهة صراع عسكري جديدة، فهو نظام يقتات على الأزمات ويسعى دائما إلى إشغال الشعب الإيراني بأزمات خارجية، لصرف الأنظار عن الإخفاقات الداخلية، وبالتالي فصفقات التسلح التي وقعتها السعودية ليست دليلاً عن الاستعداد لحرب هجومية، بل هي بالأساس وعلى الأرجح تعزيز وتحصين للقدرات الدفاعية السعودية في مواجهة التهديدات الإيرانية، وكذلك الحال بالنسبة لبقية دول مجلس التعاون، التي تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية، وحماية مكتسبات شعوبها في مواجهة الغرور والصلف الفارسي المتزايد. ما يجب أن تفهمه إيران أن دول مجلس التعاون معنية بالتقدم في مسيرة التنمية أكثر من اهتمامها بالصدام مع إيران، ولكن ذلك لا يعني ترك الحبل على الغارب للملالي كي يمضوا في مخططاتهم التوسعية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية