العدد 3161
السبت 10 يونيو 2017
banner
الحرية والأمن... بريطانيا نموذجًا
السبت 10 يونيو 2017

كانت لندن مسرحًا لعدة هجمات إرهابية ما بين دهس وطعن جعلت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، تصدر قرارا كان محل ترحيب من قبل الصحافة البريطانية بضرورة مراجعة استراتيجية مكافحة الإرهاب وحرمان “المتطرفين” من أي فضاء واقعي أو افتراضي على الإنترنت، لتكون هذه الاستراتيجية قادرة على هزيمة الآيديولوجيا المسؤولة عن هذه الهجمات باعتبارها التحدي الأهم في حرب الإرهاب.

بعد تفجيرات لندن، أدلت ماي بتصريحات كانت ستواجه بسيل من الانتقادات لو كانت صادرة عن مسؤول في دولة من دول العالم الثالث، حيث شددت على ضرورة وضع قيود على شبكة الإنترنت، والقضاء على “المساحات الآمنة” بها التي تسمح للإرهاب بالتكاثر، لأنها ترى “أن في بريطانيا تسامحا زائدا مع التطرف”، داعية الحكومات “الديمقراطية” المتحالفة للتوصل إلى اتفاقات دولية تنظم هذا الفضاء السيبراني لمنع انتشار التخطيط المتطرف والإرهاب. 

رغم أن هذه التصريحات يمكن أن تصطدم مع الحرية والخصوصية إلا أنها كانت موضع تأييد وإشادة من المجتمع البريطاني لأنها تهدف لتحقيق الأمن ومن ثم تتوارى أية مفاهيم أو قيم أخرى حتى لو كانت الحرية نفسها طالما أن الأمر يمس بريطانيا ذاتها، فهنا الأمن يأتي في المقدمة.

ما حدث في بريطانيا هو الصحيح، وهو المتصور حدوثه في كل دولة تتعرض لنفس الأزمة، ولكن الإشكالية تقع عندما لا يكون البعض مقتنعًا بذلك، أي بحق الآخرين في اتخاذ كل ما يلزم لضمان الأمن، حتى وإن بدا أنه يتعارض مع الحرية لأنه في حقيقة الأمر ليس هناك أي تعارض بين الحرية المسؤولة وبين الأمن، فكل حرية تؤدي إلى ضياع الأمن هي فوضى وليست حرية حقيقية، ورغم ذلك نجد من يدافع عن هذه الفوضى باسم الحرية وحقوق الإنسان وغيرها من المفاهيم التي لا تجد صدى إذا كانت تمس مجتمعهم.

صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية قدمت نموذجًا على هذا التباين في الرؤية، ففي الوقت الذي أيدت خطوات وتصريحات ماي، قامت بتوجيه انتقادات للصين بمناسبة بدء العمل بـ «قانون الأمن الإلكتروني (السايبري)»، معتبرة أنه يهدف إلى إحكام قبضة بكين على كلام وأفكار مواطنيها ويشكل حاجزا للشركات العالمية التي تعمل في الصين وأنه يعيق قدرة الشركات الصينية على التنافس في الساحة العالمية، ويشرعن حق الدولة في التجسس على أي شخص يستخدم الإنترنت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .