العدد 3164
الثلاثاء 13 يونيو 2017
banner
“الطراره” بالشهر الكريم
الثلاثاء 13 يونيو 2017

تشهد بلادنا في شهر رمضان إكثاراً من تلاوة القرآن وارتفاعاً بأصوات الدعاء وتسابقاً في عمل الخير. وجرياً على عادة سنوية، يمد العديد من رجال الأعمال والمؤسسات التجارية الوطنية أيادي العون للأسر المعوزة ويجري تزويدها بالسلع الغذائية الأساسية لسد احتياجاتها في شهر الصوم.

وعوضا عن انحسار مظاهر الحاجة لدى الناس مع هذه الفزعة الاجتماعية الدينية، فإن ارتفاع أعداد المتسولين المرابطين على أبواب المساجد والجوامع والمحال التجارية، والأسواق الشعبية أثناء الشهر الفضيل بات واضحاً للعيان.  

 تنامي أعداد المتسولين الذين يتخذون أماكن ثابتة لطلب الإعانات النقدية في شهر رمضان وغيره، يطرح العديد من الأسئلة بشأن مدى كفاءة وفعالية الجمعيات والصناديق الخيرية الأهلية التي شهدت نموا عددياً مطرداً في السنوات الأخيرة.

 وليس خافياً أن غالبية هذه المؤسسات الخيرية قد ربطت أهداف تأسيسها بخدمة أهالي قرية أو مدينة ماً، ولذا  فيحق لنا أن نسألهم عن دورهم إزاء كرامة المتسولين المهدورة في مناطقهم؟ وهل تحدثوا إليهم؟ وهل درسوا أوضاعهم ونظروا في مدى حقيقة حاجتهم أم لا؟

وأما على المستوى الرسمي، فلا يتسق تنامي أعداد المتسولين البحرينيين مع الجهود المبذولة من قبل وزارة العمل والتنمية والاجتماعية لتوفير الدعم المالي المباشر للأسر البحرينية محدودة الدخل عبر إقرار علاوات الضمان الاجتماعي والغلاء والإعاقة واللحوم، وغيرها.

ورغم ما قدمته دار الكرامة التابعة لوزارة العمل والتنمية من خدمات شملت إبعاد 413 مواطناً متسولاً عن مخاطر الشارع وإيواءهم ودعمهم والتواصل مع أسرهم، إلا أن عشرات من أبناء جلدتنا لا يزالون يقبعون تحت لهيب الشمس الحارقة يومياً، فاتحين أيديهم لمارٍ هنا وهناك، متحملين في سبيل الحصول الدنانير نظرات الاحتقار والشفقة.

 وزيادة في الأسف، فإن التسول في البحرين لا يقتصر على المواطنين فقط، بل أن الأجانب يشكلون الجزء الأكبر والأصعب من فصول هذه المظاهر، فنراهم يتحركون و“يطرون” بسهولة وانسيابية، ملمين بتفصيل الأزقة والنواصي، ومدركين تماماً لتفاصيل المكان وطبيعته وإيقاع حركة الناس بالشوارع.

 ظاهرة “الطراروه” الأجانب تتطلب وحدها مبحثا خاصاً يدفع بكثير من الأسئلة على سطح النقاش .. أليس هؤلاء قد قدموا للبلد بغرض محدد، طٌبع على “فيزا” دخولهم قبل أن يصلوا لبوابات مطار البحرين الدولي؟ لماذا تحولوا إلى معوزين يرون للمارة قصصاً عن اللجوء والفقر والمرض والإعاقة؟ والأهم لماذا لم تتحرك الجهات المعنية بإجراء ما يلزم لإلغاء “إقامات” هؤلاء ومن ثم تسفيرهم وفق ما يُلزم القانون؟

التسول في بحريننا الحبيبة لا يعني جنسية دون أخرى، ولا جهة دون غيرها، بل هو قضية وطن بأكمله، يصرف الملايين لبناء وتنفيذ برامج ومرافق تضعه على الخريطة السياحية للمنطقة، بينما المتسولون يصولون ويجولون بالقرب من فنادق المنامة وباب البحرين.

وعليه، بات على جميع الجهات المعنية الرسمية والأهلية، وعامة الناس أيضاً التعاون لتفعيل قانون مكافحة التسول والتشرد (2007) على نحو شامل وكامل. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية