+A
A-

ملاحقة قانونية لكل المسؤولين القطريين المتورطين في دعم الإرهاب

 شكلت الاعترافات الخطيرة التي أدلى بها ضابط في جهاز الأمن الوطني القطري (الاستخبارات) ونقلته قناة أبو ظبي أمس فصلاً جديدًا من فصول المؤامرة القطرية على دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بتجنيد جيش الكتروني للإساءة إلى هذه الدول ورموزها والعبث بأمنها واستقرارها، بعد كشف مملكة البحرين عن المكالمات الهاتفية التي جرت بين مستشار أمير قطر والإرهابي الخائن حسن سلطان خلال الأحداث المؤسفة عام 2011 والتي استهدفت إسقاط الحكم في مملكة البحرين عن طريق دعم قطر للانقلابيين، وتسخير قناة الجزيرة لهم لبث أكاذيبهم، وبعد كشف المملكة العربية السعودية عن مؤامرة قطر لاغتيال الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز طيب الله ثراه بالتآمر مع نظام معمر القذافي البائد في ليبيا.

ومنذ أن قطعت الدول الثلاث الخليجية وعدة دول عربية وإسلامية وغيرها من دول العالم علاقاتها مع قطر يتواصل كشف المعلومات التي تثبت تدخل الاستخبارات القطرية في شؤون الدول الأخرى على الرغم من زعم النظام القطري جهله بأسباب قطع العلاقات مع الدوحة، ومنها ما كشف عنه المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العقيد أحمد المسماري، من وثائق تثبت تورط قطر في تصدير إرهابيين من دول في شمال إفريقيا، تلقوا تدريبات في ليبيا، إلى سوريا والعراق عبر تركيا.

ولعل خطورة المعلومات التي تم الكشف عنها تأتي من أنها صادرة عن ضابط استخبارات قطري كان يعمل في مكتب رئيس جهاز الاستخبارات نفسه، بل ويرافق رئيسه في سفراته للعمل، وهو المرافق له خارج الدوام، بالإضافة للأشياء الشخصية، التي يقوم بإنجازها أو أشياء ببيته، كما جاء في الاعترافات، أي أنه كان شديد القرب منه، وضمن الدائرة الضيقة التي يتم استخدامها في المهام الأكثر خطورة وأهمية بالنسبة للجهاز.

وتكشف الاعترافات التي أدلى بها ضابط الاستخبارات القطري ويدعى حمد علي محمد علي الحمادي عن خطط للدوحة للإضرار والعبث بأمن واستقرار دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للإيهام بوجود معارضة وتذمر من قبل المواطنين من أجل تكوين رأي عام مصطنع غير حقيقي، وإطلاق الشائعات وإثارة البلبلة والإساءة إلى رموز الدولة في تصرف يضر بدول الجوار التي دائما ما صبرت وتحملت تصرفات قطر وتجاوزاتها، ولكن حان الوقت لأن تتوقف هذه الدولة المارقة عن جرائمها. 

ومن أشهر المواقع الوهمية التي أشرف عليها جهاز أمن الدولة القطري، “ بوعسكور” الذى ينشر شائعات وأكاذيب وهمية عن الإمارات، باستخدام ألفاظ وعبارات أثارت استغراب الجميع بسبب بذاءتها. وبتتبع تفاصيل الاعترافات فإن قطر أرسلت أحد أفراد الاستخبارات في مهمة لشراء بطاقات هواتف إماراتية وشحنها بمبالغ كبيرة حتى يمكن استخدامها لأطول فترة ممكنة، وقامت الإدارة الرقمية في المخابرات القطرية بإنشاء حسابات على مواقع التواصل تبدو وكأنها حسابات إماراتية بهدف الإساءة لدولة الإمارات، ومهاجمتها والإساءة لرموزها. وللخديعة والتضليل وإبراز أن هناك معارضة في الإمارات للحكم كتمهيد لإثارة القلاقل فيها.

وكانت اعترافات شفاهية ومصورة بثت للضابط قبل عامين في قضية الإساءة لرموز الدولة عبر مواقع التواصل والمعروفة إعلامياً بقضية بوعسكور عن تورط ذلك الضابط وعدد من العاملين النافذين القطريين بالإشراف على إدارة المواقع المسيئة لرموز الدولة. وأقر بانتسابه للجهاز وتلقيه أوامر مباشرة لتنفيذ مهام محددة، موضحاً آلية العمل وأدوار أقسام جهاز أمن الدولة في قطر وارتباطاتهم بتلك الحسابات. وأقر المتهم بصحة الاعترافات الواردة في مقطع الفيديو، وعقب على سؤال القاضي عن رأيه بما جاء في الفيديو المعروض مؤكداً نعم، أنا هذا الشخص، وأقر بكل ما جاء في الفيديو، وأعاد المتهم سرد التفاصيل الواردة في المقطع المصور أمام هيئة المحكمة.

إنها مؤامرة كاملة على دولة الإمارات العربية المتحدة، يقودها جهاز الاستخبارات الرسمي القطري، أي أنها تتم تحت سمع وبصر النظام القطري وبأوامره فماذا تستفيد قطر من هذه المؤامرة ؟!. . وإذا أضفنا إلى ذلك اعترافات ضابط الأمن القطري نفسه بأنه اشترى عددا من كروت الشحن من المملكة العربية السعودية فإن المؤامرة تطال المملكة العربية السعودية أيضًا وإن لم يكشف عن تفاصيلها حتى الآن، مما يؤكد أن ما كشف عنه قد يمثل قمة جبل الجليد الذي يخفي ما يخفي تحته من مؤامرات.

إن مهام جهاز الأمن الوطني في جميع الدول حماية الأمن الداخلي للدولة وللمواطنين، ورصد كافة التنظيمات الإرهابية والفئات المعادية للدولة ومتابعة كل ما يتعلق بنشاطاتها، لكن أن يتحول هذا الجهاز في قطر إلى أداة ضد الأخوة وذوي القربى لا لشيء سوى تشويه السمعة وبث الإشاعات والفرقة والأكاذيب، فهذا ما لم تشهده أي دولة حتى الآن، ويتنافى مع جميع القيم والأعراف.

إن العديد من الدلالات توضحها هذه المؤامرة لعل أبرزها أن هناك نهج ثابت لدى النظام القطري الذي تولى الحكم منذ انقلاب عام 1995 بمحاولة نشر الفوضى وإثارة القلاقل في دول الخليج الثلاث (مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة)، سعيًا لزعزعة الأمن والاستقرار بها وإسقاط نظم الحكم خدمة لأهدافه وأهداف حلفائه الذين رأوا في الدول الثلاث حائط الصد الخليجي والعربي المنيع أمام مخططات تفتيت الأمة. 

الدلالة الثانية ضخامة حجم المؤامرات القطرية والتي لم تقتصر على شقيقاتها في الخليج بل تم كشف مؤامرات طالت دول عربية أخرى كمصر وليبيا واليمن وغيرها، وقد تزامنت هذه المؤامرات مع محاولة فرض اضطرابات في المنطقة كلها تحت مسمى مخادع وهو “ الربيع العربي”، مما يؤكد وجود مخطط كبير ضد المنطقة تشارك فيه الدوحة التي باتت تتآمر على أشقائها وأبناء عمومتها الذين لم يضمروا لها شرًا يومًا لصالح أعداء الأمة وهي لا تدري أنها مجرد أداة وأن الدور سيأتي عليها يوما ما بعد أن يكون تم استنفاد الغرض منها.

الدلالة الثالثة أن ما اتخذته دول خليجية وعربية بحق قطر هو إجراء مستحق لها بعد كل هذه التدخلات الخطيرة في شئونها الداخلية والتي تتكشف تباعًا – وما خفي كان أعظم - وبعد أن تبين لها إصرار الدوحة على المضي في عنادها ومكابرتها، فقطر رغم هذه الأدلة الدامغة على تورطها لا تزال تنكر وتكابر ولا تزال تصر على موقفها وطريقها وعدم تنفيذ الاتفاقات التي وقعت عليها عام 2014 بعدم التدخل في شئون الدول الخليجية ومصر، وعدم إساءة القنوات الإعلامية المملوكة لقطر أو المدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر لأي من دول المجلس والتوقف عن دعم الإرهاب وإشاعة الفوضى في المنطقة.

إن ما تم الكشف عنه من مؤامرات تقودها قطر ضد دول الخليج الثلاث وضد دول عربية يجعل حكومة الدوحة تواجه محاكمة دولية، فلا تخلو منطقة عربية، إلا وتعمدت دولة قطر، العمل على زعزعة استقرارها واضطراب أمنها، من خلال تقديم الدعم المالي واللوجيستي وبيع الأسلحة للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، لتنفيذ مخطط وأجندة دول معادية ضد الدول العربية، ما كان دافعاً لمطالب عربية بضرورة تحريك دعاوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد قطر عقب أن صار واضحاً للعيان ذلك الدور المشبوه الذي تلعبه في المنطقة بشكل عام، كونها متهم رئيسي بدعم كثير من التنظيمات الإرهابية، بشهادة المقبوض عليهم كما جرى في قضية ضابط الاستخبارات القطري، واستضافة قيادات جماعة الإخوان الإرهابية المطلوبين أمنيًا وتمويل الجماعات المصنفة عالميا بأنها جماعات إرهابية بالمال والسلاح وقد تحركت بالفعل مصر وليبيا في هذا الاتجاه، ولا شك فإن عناد قطر وإصرارها على مواقفها سيدفع دفعا باقي الدول المتضررة لهذا الاتجاه.

إن الملاحقة القانونية والدولية لكل المسؤولين القطريين الذين ثبت تورطهم في دعم الإرهاب العالمي، وفي احتضان الجماعات المتطرفة، وذلك لضرب الأمن القومي للدول وزعزعة استقرارها، هو أمر مستحق، ومتبنى من قبل محكمة الجنايات الدولية في ظل وجود الدلائل والإثباتات اللازمة. ويؤكد الخبراء القانونيون أن أي دولة ترعى الإرهاب العالمي، وتدعم التنظيمات التي تقوض الأنظمة والدول وتقوض استقرارها وحياة شعوبها، وتتدخل في شؤون الآخرين بخلاف المبادئ المستقرة في القانون الدولي بهذا الشأن، يمكن تقديمها إلى محكمة الجنايات الدولية على اعتبار أن الجرائم التي تصدر هي جرائم حرب وإبادة، وتقوض السلم الأهلي، وتوقع عليها العقوبات التي من شأنها أن تردع هذه الدول عن مثل هذه الجرائم.

على قطر أن تعلم أنها بهذا العناد والمكابرة تعمل على إخراج نفسها من البيت الخليجي والعربي، فالدور التدميري الذي تلعبه في المنطقة والذي يقوم على تصدير العنف والإرهاب لشقيقاتها لا يمكن التغاضي عنه، أو تمريره مرور الكرام، ولا يمكن بعد ما تم كشفه من مخططات قطرية ضد الدول الخليجية والعربية أن تستعيد قطر علاقاتها مع الدول الخليجية والعربية إلا بتنفيذ تعهدات واضحة بالتوقف عن إيواء ودعم الإرهاب والتدخل في الشئون الداخلية للدول والتعاون مع الأنظمة المعادية للخليج وفي مقدمتها النظام الإيراني الإرهابي وأتباعه، وتسليم المطلوبين لديها، لقد طفح الكيل وآن الأوان لأن تحدد قطر طريقها وخياراتها ومستقبلها. فلا فرصة للعودة إلى الصف الخليجي، أو الانضمام إلى الركب العربي، إلا بالعودة الكاملة عن كل تلك السياسات الرعناء.