في الساعات الأولى من صباح هذا اليوم المبارك هيأت نفسي لاصطحاب أكبر أبنائي إلى المسجد لصلاة الفجر فنعقبها بقراءة القرآن والدعاء سائلين الله عز وجل من فضله ونعمه، لنبدأ في التكبير مع جموع المصلين حتى موعد إقامة صلاة العيد فنصلي ثم نستمع إلى الخطبة، وبعد ذلك نشرع في تبادل التهاني والتبريكات مع الأهل والأصدقاء.

دأبت على الذهاب إلى صلاة العيد مع ابني منذ أن كان في الثالثة من عمره، والآن وقد بلغ الثانية عشرة ما زلنا محافظين، ولله الحمد، على تأدية هذه الشعيرة، وكأن التاريخ يعيد نفسه في مشهد مكرر من حياة والدي رحمة الله عليه، إذ كان يحرص على اصطحابي إلى المسجد لتأدية صلاة العيد.

عندما كنت صغيرا اعتدت وأصحابي أن نطلق على عيد الفطر “العيد الصغير”، وهذه المناسبة الكبيرة والعزيزة على قلوب المسلمين لي فيها ذكريات جميلة مع أهلي وأصدقائي منذ طفولتي وحتى اليوم، وها أنا أحاول أن أنقل لأبنائي ما تعلمته من أبي، الذي كان يأخذني معه بعد صلاة العيد في جولة يزور فيها الأهل والأصدقاء ليهنئهم بالعيد ويقدم للصغار “العيدية” التي كان لي بطبيعة الحال نصيب منها.

هذه الأجواء الخاصة التي يعطرها طيب الإيمان والطاعة وتدفئها مشاعر الود والألفة بين الأهل والأصدقاء، محروم منها للأسف الشديد ملايين من المسلمين الذين يعيشون في مناطق ملتهبة من العالم، والنسبة الأكبر منهم موجودون في العالم العربي؛ في العراق وسوريا واليمن وليبيا، حيث يعجز أكثر الناس عن ممارسة شعائرهم الدينية في أمن وأمان. 

في هذه المناسبة الطيبة أرفع يدي داعيا المولى عز وجل أن يديم علينا وعلى بلادنا نعمة الأمن والأمان، وأن يحفظ أوطاننا وشعوبنا رجالا ونساء، شيوخا وصغارا، وأن يسلمهم من كل سوء وشر، فبدون هذه النعمة العظيمة لن يكون لأي شيء نفعله طعم ولن تكون أجواء مناسباتنا الدينية صافية.

الأمن والأمان اللذان يعيشهما سكان البحرين، مواطنين ومقيمين، هما من أكبر النعم التي ينبغي حفظها وتقديرها وشكر الله عليها، فبهما تتماسك المجتمعات وتتقدم وبدونهما تتفتت وتتشرذم، حيث لا يمكن أن ينصلح حال أي بلد وأهله يعيشون في خوف مستمر على أرواحهم وأموالهم ومستقبل أبنائهم.

أسأل الله عز وجل أن يعيد هذه الأيام المباركة علينا وعليكم وعلى إخواننا في كل الأقطار الإسلامية والعربية بالخير واليمنِ والبركات، وأن يعم السلام والاستقرار على الأمتين الإسلامية والعربية، وكل عام وأنتم في أمن وأمان.